في النصف الثاني والأخير للخمسينيات من القرن الماضي، كانت صحيفة الأخبار التي يملكها الأستاذ الراحل رحمي سليمان ويرأس تحريرها في ذات الوقت ويشغل سكرتارية تحريرها الدينمو إدريس حسن، ذلك الصحفي المخبر النشط وكانت الصحيفة تحتل مكتبنا في عمارة غطاس بالسوق العربي بالخرطوم، ويشارك في تحريرها الأساتذة محمود أبوالعزائم وشريف طمبل وسيد أحمد نقد الله وكاتب هذه السطور وآخرون. لقد كانت الصحيفة خلية من النحل، فالشعراء الراحلون منير صالح عبد القادر ومحمد المهدي مجذوب ومحمد محمد علي وغيرهم، كانوا يعقدون (محكمة الأدب) كل جمعة بالجريدة ويثيرون القضايا الأدبية ويصدرون الأحكام التي تجد الاهتمام الشديد من القراء والشعراء، وكان الفنانون أحمد المصطفى وعثمان حسين وحسن عطية ولفيف من السياسيين ورجال الأحزاب، يتواجدون بشكل يومي في مكاتب الصحيفة، وكان العملاق عبد الله رجب صاحب جريدة الصراحة العملاقة يدخل إلى المكتب الأخير من الجريدة وكنت وقتها أنا بداخل ذلك المكتب، وكان يحمل في يده العدد الأول من جريدة (الصراحة الجديدة) بعد أن اتفقت معه وزارة الإعلام على شرائها، وذلك في عهد ثورة 17 نوفمبر، وتصفح الصحيفة في زمن وجيز وخرج مسرعاً لا يلوي على شيء، وفي أحد الأيام استقبلت صحيفة الأخبار الصحفي المصري الكبير مصطفى محمود وتجمع حوله رحمي سليمان ومحمود أبوالعزائم وسيد أحمد نقد الله وشريف طمبل وإدريس حسن وحسن عطية ومجموعة، تجمعوا حوله يمطرونه بالأسئلة وكان هو في رحلة إلى السودان، ومن الخرطوم إلى جنوب السودان في رحلة استكشافية، وطلب مني بعد الندوة أن أذهب معه إلى السوق للتسوق لشراء أغراض رحلته ببابور البحر إلى جنوب السودان. في ذلك الاجتماع الذي جمعنا مع د. مصطفى محمود قال الأستاذ محمود أبوالعزائم إنه رزق في الليلة الماضية بمولود ذكر، وبهذه الجلسة التي تجمعه بالدكتور مصطفى فإنه يطلق على المولود اسم مصطفى.. ومصطفى هذا هو الآن رئيس تحرير صحيفة (آخر لحظة).... و.... نعمان على الله