رحل في هدوء الأسبوع الماضي أبٌ كريم من آباء السودان، الصحفي المخضرم الرائد يحيى محمد عبد القادر، صاحب «أنباء السودان»، عن عمر جاوز التسعين عاماً قضاها في جلائل الأعمال وفي خدمة وطنه الغالي السودان كصحفي وطني كبير رائد، في وقت كانت قيادة الصحافة فيه في بداية القرن لرعيل من الرواد الأجانب وقلة من الوطنيين، على رأسهم رائد الصحافة ومحرر حضارة السودان حسين شريف وصاحب جريدة أم درمان المؤرخ الوطني محمد عبد الرحيم، صاحب النداء في دفع الافتراء الذي قاد تلك الصحيفة ومحرره الفذ الشاعر الشاب صاحب إشراقة التيجاني يوسف بشير، إلى أن نصل إلى جيل الرواد يحيى محمد عبد القادر «الأنباء» وأحمد يوسف هاشم- أبو الصحف «السودان الجديد».. وفضل بشير ومحمد أحمد السلمابي «صوت السودان» وإسماعيل العتباني «صوت السودان» ثم الرأي العام.. وبشير محمد سعيد ومحجوب محمد صالح ومحجوب عثمان «الأيام».. مع تاريخ الأستاذ محجوب محمد صالح لنشأة وتطور الصحافة السودانية بأسلوب أكاديمي شيق.. وتطول القائمة فتشمل محمود أبو العزائم «الصراحة الجديدة» و«آخر لحظة» وعبد الله رجب «الصراحة» وعبد العزيز حسن «الزمان» ورحمي سليمان «الأخبار» وعبد الرحمن مختار «الصحافة» وأحمد مختار «الرائد».. وتطول القائمة لتشمل محرري ومنشيء وكالات الأنباء الوطنية إدريس حسن.. أبرع مخبري هذه الوكالات وعبدالكريم عثمان المهدي وغيرهم من الرواد. ü في هدوء- أقول- رحل الرائد الكبير العم العزيز يحيى محمد عبد القادر.. وقد كنا نشهده ونحن طلاب صغار في الجامعات وهو يقف بنفسه للإشراف على إصدار صحيفته بجوار عمارة الصحف الاستقلالية وجوار عمارة السواحلي القديمة، ومكاتب العم الاقتصادي الكبير الشيخ مصطفى الأمين الذي لا تنقطع مداعباته للعم الكبير يحيى عبد القادر. ü أستاذنا يحيى عبد القادر بدأ حياته محرراً نشطاً في عدد من الصحف قبل أن ينشيء صحيفته الخاصة «أنباء السودان»، كما كان مراسلاً نشطاً للأهرام رغم ميوله الاستقلالية وانتمائه لحزب الأمة.. كما كان رائداً من رواد التأليف والتوثيق للشخصيات السودانية قبل الكاتب الكبير العملاق محجوب عمر باشري الذي رحل هو الآخر منذ بضع سنوات.. مخلفاً وراءه ذخائر غالية عن رموز المجتمع السوداني الذي عشقه حتى النخاع. ü الرحمة والمغفرة لعمنا يحيى عبد القادر، وآمل أن يطلق اسمه على الشارع الصغير الجانبي الذي يربط بين ميدان الأممالمتحدة وامتداد شارع الخليفة.. والذي كانت تنطلق منه جريدة ومطبعة أنباء السودان.. وهذا أقل معاني الوفاء للصحفي الوطني والعملاق يحيى محمد عبد القادر.