في الندوة التي أقامها اتحاد الصحفيين بالتعاون مع مجلس الصحافة والمطبوعات، والتي تحدث فيها بصراحة وشفافية الأستاذ عادل الباز رئيس تحرير جريدة الأحداث.. وتخللتها كلمات ومداخلات مهمة من رئيس المجلس الأستاذ علي شمو وأمينه العام الأستاذ العبيد مروح.. تناول الأستاذ الباز مشاكل الصحافة من جميع جوانبها وخاصة العنصر البشري وشباب الصحافة توظيفاً وتأهيلاً وحقوقاً، كما أثار قضايا الطباعة والإدارة والتوزيع. ما لفت انتباهي إشارته إلى ضعف التأهيل حتى عند الخريجين.. وما يدرسون.. وقد تناول بعضهم المناهج والمواد الدراسية التي أتيحت لهم وأثبت أغلبهم أنها دون المستوى ودون ما يدرسه وما يأخذه أقرانهم في كثير من المعاهد المثيلة في عدد من الأقطار إن لم يكن فيها جميعاً مما يجعلنا في ذيل القائمة.. كما ركز بصفة خاصة على الضعف المريع في اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الحية.. مما يعوق سبيلهم لأداء واجبهم خارج وداخل القطر، لا سيما الذين يتم اختيارهم للوفود الرئاسية ومرافقة المسؤولين.. والذين في الغالب يفتقر البعض منهم- لا كلهم- إلى مثل هذه المهارات.. وتذكرت الصحفيين الكبار الذين كانوا يمتلكون ناحية اللغة، أستاذنا بشير محمد سعيد وإسماعيل العتباني ويحيى محمد عبد القادر ورحمي سليمان وعبد الرحيم الأمين «المعلم» وأحمد مختار وعفان.. ومن أبناء جيلنا الأفذاذ السر حسن فضل وأبوبكر وزيري ومحمد هارون وحسن ساتي.. ومن إخواننا الذين سبقونا كامل حسن محمود ومرسي صالح سراج ومحمود محمد مدني، والقائمة تطول. ولكن الذي أثارني في هذا المجال تقاعس كثير من الشباب، وشباب الصحفيين بصفة خاصة، في تمتين لغتهم.. وتذكرت هنا العمالقة من أبناء الجيل الماضي من الصحفيين الذين علّموا أنفسهم بأنفسهم، فكانوا قمة في النبوغ وقمة في العلم باللغة واللغة الإنجليزية على وجه التحديد وعلى رأسهم أستاذ الجيل وعصامي الصحافة صاحب الصراحة عبد الله رجب وأستاذ الجيل العصامي صاحب الدردشة الشائقة محمد أحمد السلمابي عليهم رحمة الله.. أما أستاذنا بقادي وقد عاد الآن إلى رحاب الوطن، فقد كان ولا يزال حجة في اللغة وصاحب مهارة فائقة في الترجمة والمتابعة مما جعله أمهر من يتولى قسم الشؤون الخارجية في واحدة من أكبر صحف السودان في عهدها الذهبي «الرأي العام»، والتي كانت تسير بناموس صاحبها الوطني إسماعيل العتباني.. مصباحاً منيراً في عالم الصحافة، تزينها «رسائل من وراء البحار».. من الراحل سيد أحمد نقد الله.. وبريدها المفعم الذي كانت توافينا به الأقلام الشابة باللغة ومن وراء البحار..