كانت الطبيبة (المسكينة) تنشد الراحة بعد يوم مضنٍ من المرور على المرضى والاطمئنان على سير العلاج، والابتسام في وجوههم وبث الأمل في نفوسهم، بعد أن انتهت (مناوبتها) فترة الظهيرة قررت أن تذهب لإستراحه الطبيبات، كي تأخذ قسطاً من الراحة ولكن زميلها (الاختصاصي) بذات المستشفى لم يكن يريد لها أن ترتاح، إذ لم تكن (تنزل له من زور)، فأخذ ينادي عليها بأن تخرج من الاستراحة حالاً وأن تذهب وترتاح في اي مكان آخر، فالاستراحة خاصة بقسم غير القسم الذي تتبع له تلك الطبيبة... وكأن الراحة تأتي على حسب التخصصات، ردت له بأن بقية الطبيبات لم يعترضن فلماذا اعتراضه..؟! عقد حاجبيه في غضب واعتبر ردها إهانة، إذ إنها لا تعدو طبيبة (عموميه مفعوصة بنظره)، فرد الإهانة بصفعة ارتجت لها جميع أقسام المستشفى والأوساط الطبية والمجتمع، قبل أن يصيب الذهول الطبيبة التي ارتمت باكية وسط زميلاتها المتفاجئات من تلك الصفعة. تلك(الصفعة) فتحت الأعين على هذا النوع من الحوادث، والتي يكون ضحاياها الأطباء وليس من الضروري، أن تكون بين أبناء المهنة الواحدة، ولكن ارتفعت وتيرة معدلات ضرب الأطباء لتصل ذروتها، وأصبح الطبيب (ملطشة) ل(ذوي المرضى) ولموظفي المستشفى وحتى للزائرين من بعض منسوبي القوات النظامية وموظفي الدولة. أنا شخصياً أحياناً تنتابني الرغبة في ضرب (طبيب الأسنان) خاصتي الذي يدعبس بين (الأسنان المتهالكة) دون أن يدري مقدار الألم الذي يسببه لي، ولولا أنني اتمسك (بحبال الصبر) لكنت اتصدر صفحات الصحف كل اسبوع، نحمد الله على نعمة الصبر، والتي لم يمنحها للجميع.. وأحياناً أتمني لو ألتقي بالاختصاصي الذي يغيب تحت ذريعة الدخول في (إضراب) وبعض المرضى في أمس الحاجة لمقابلته فيقف حال المرضى!! على حسب وجهة نظري الشخصية أنه وبالرغم من الأخطاء الطبية القاتلة التي يقع فيها بعض الأطباء، فالبعض الآخر غير ملزم بدفع فاتورة أخطاء الغير..!! وبالرغم من استهتاربعض الأطباء وعدم جدارتهم لممارسة تلك المهنة، إلا أن هناك الكثير ممن يستحقون التجلة والاحترام، ورغم استخفافهم بصحة العامة حين (يضرِبون) عن العمل وتأتي ولا تجد اختصاصياً إذ إنه مشغول في اضراب من أجل دفع مستحقاته من قبل الحكومة.! أين قسم التخرج وميثاق الشرف، والتعهد بأن تعالج كل من هو في حاجة لما درست في أي ظرف وتحت كل الضغوطات...؟! نعرف بأن الطبيب إنسان يجب أن تتوفر له كل مقومات الوظيفة من مستحقات وأجر، لكي يفي بالتزاماته تجاه أسرته وبيته.. ولكن اذا كانت وزارة الصحة عاجزة والحكومة مشلولة...ألا يوجد حل غير الاعتصام والاضراب...؟! إضراب الأطباء من المواضيع الشائكة والتي أصبحت تتخذ مجرى آخر حيث (يُضرِب) المَضُروبون وغير المضروبين، ويُضرِب التي أقصدها هنا لا تعني (فعل الضرب). ولكن (الاضراب احتجاجا)، وحتى لا تختلط الأوراق يجب على الدولة ممثلة في وزارة الصحة وفوراً تلبية حاجة اولئك القوم الذين هم من يخففون الألم وهم من يهونون شقاء المرض.. ويجب سن قوانين وتشريعها بحيث تكون حمايتهم هي اولويتها، ويتم ذلك وفق آلية مشتركة بين وزراة الصحة ووزارة المالية، واتحاد جديد خاص للأطباء يمثلهم في تلك الآلية. المصدر (ضرب) هو سيد الساحة في الأوساط الطبية هذه الأيام.. فالضرب يسيطر على عقول ذوي المرضى لاحساسهم باستهتار أغلب الأطباء، وسعيهم خلف المادة وإهمالهم لصحة المرضى.. و(الإضرابات) تسيطر على عقول الأطباء، حيث أدركوا بأنهم (يلوون ذراع) الحكومة.. إلا أنهم لم يدركوا انهم ينزعون أقنعة الاوكسجين عن المرضى، وانهم يحيكون اكفان الكثيرين، ويقتلون الأمل في قلوب الكثيرين، نصيحتي لهم قول المولى عز وجل :(قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) صدق الله العظيم، سيبقى ماتفعلونه ديناً والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً في زمن أصبح فيه ضرب (الطبيب زي أكل الزبيب).