في الوقت الذي أكدت فيه لجنة الأطباء تنفيذها للإضراب أكدت وزارة الصحة الاتحادية أن المستشفيات لم تتأثر بالإضراب وأن العمل يتم بالكامل في كل الأقسام، كما أنها أكدت أن الأطباء المضربين قد تحصلوا على كل استحقاقاتهم التي طالبوا بها لكن اللجنة عادت من جديد لتهدد بما هو أخطر.. ولا ندري ما هو أخطر من أن يضرب طبيب عن معالجة المرضى، ترى هل سيقومون بخنق المرضى أم إعطائهم حقناً للراحة؟.. أسئلة مطروحة تحتاج للإجابة، فما هو أخطر من أن يرفض طبيب علاج مريض يتلوي من الألم أمامه.. حاجة غريبة تدعو للاشمئزاز والتعجب!! سادتي إذا حلت مشكلة المستشفيات الموجودة في الخرطوم فإن الأمر سيكون خطيراً في الولايات، فأطباؤنا الباحثين عن الأموال والقرب من ظل الدولة الإداري لا ينفذون نقلياتهم إلى الولايات، لهذا نخشى على أهلنا في الولايات من أن يصيبهم رشاش إضراب الأطباء، وقد أكد لي أحد القراء أنهم في الإضراب السابق اضطروا لنقل مريضة إلى الخرطوم من دنقلا وقد زادتها عملية النقل رهقاً وساءت حالتها.. بالمناسبة لقد جاء الأطباء هذه المرة بنغمة جديدة وتركوا الحديث عن استحقاقاتهم وأصبحوا يصرحون بأنهم طالبوا الحكومة بتحسين بيئة العمل، وهي كلمة حق أريد بها باطل، فهذه اللجنة قد نصبت نفسها اتحاداً غير منتخب وغير شرعي للأطباء، وأخذت تطالب بالحقوق عبر مظلة غير قانونية.. وظني أن الوزارة قد تراخت في التعامل مع هذه اللجنة، لأنها استجابت لمطالبها وجلست معها للتفاوض رغم أنها تعلم جيداً أن هناك اتحاداً للأطباء هو الذي يحق له قانوناً أن يطالب بحقوق منسوبيه، وإن كان للجنة غير القانونية الرغبة في أن تكون كياناً معترفاً بها، وكانت تثق في نفسها لما قاطعت الانتخابات وجاءت بعد ذلك وهي تتدثر بأقاويل غير صحيحة عن اتحادهم، واعتقد أن وزارة الصحة هي التي أعطت الفرصة لهؤلاء للتهديد واللعب بأرواح المواطنين.. نعم اللعب بأرواحهم وآلامهم وكان من واجبها أن تحمي المرضى وتحمي الأطباء من عبث اللجنة لتحسم القضية لصالحهم، فالشرعية معهم رضت اللجنة أم أبت.عندما نفذت اللجنة إضرابها الأول سألت أحد الأطباء: هل أنت مقتنع بالإضراب والتوقف عن خدمة المرضى؟.. فقال لي: لا.. فقلت له: لماذا تضرب عن العمل إذاً؟.. فقال: لأنني لا أريد أن أخذل زملائي.. فقلت له: أترضى أن تضيع مريضاً وتحنث بالقسم الذي أديته من أجل إرضاء الزملاء؟!.. فسكت وأظنه لم يجد إجابة.