علاقتي الشخصية بمولانا أحمد هارون بدأت عندما كان مسؤولاً عن الملف الأمني في دارفور وبحكم أنني كنت معتمداً لنيالاً تعاملت عن قرب معه واكتشفت فيه شخصية دينامية لها قدرة فائقة في التعامل مع الحدث وفي تلك الأيام زار أحمد هارون مناطق في شرق الجبل لم يزرها مسؤول مركزي منذ الأربعينيات فقد طاف مشارق كردفان ودارفور ومغاربها ولم يعرف للاستقرار موضعاً ولا للراحة سبيلاً وهنا تذكرني مقولة الأخ العقيد (م) طيار أحمد أنقابو أيام كان معتمداً لمحلية كاس... (ساعات الطيران التي قضاها أحمد هارون محلقاً جواً لم يقضيها أي طيار عند سماء السودان) وهذه دلالة واضحة على حيويته ونشاطه وانفعاله بالقضايا الوطنية والإنسانية معاً ولا أعتقد أن الصعود الكبير في سلم العمل السياسي والتنفيذي لهارون كان صدفة إنما سيرته في العمل العام تتحدث عن نبوغه المبكر منذ كان طالباً في الجامعات المصرية ومروراً بعمله في السلك القضائي ثم علاقته بقضايا جنوب كردفان التي بدأت في بواكير التسعينيات حين عمل مع الوالي حبيب مختوم مديراً لإدارة السلام بالولاية غير أن التحول الحقيقي الذي لفت انتباه المركز فترته في الشرطة الشعبية فلقد كان له أثره الكبير في إحداث التطور الذي تحقق في الشرطة الشعبية والمجتمعية وصعودها إلى مستوى انتشار واسع وقدرات عالية ومشاركة حقيقية مع شرطة السودان وجهوده هذه كانت بمثابة الحافز الذي جعل قيادة الدولة تدفع به وزير دولة بوزارة الداخلية أما ما يتصل بالانتخابات التي حدثت مؤخراً بالولاية وفاز فيها مولانا أحمد هارون بمقعد الوالي فمن الواضح أن الحركة الشعبية بزخمها وسط النخب أثرت في الرأي العام لمجموع المصوتين ومن الواضح كذلك أن ولاية غرب كردفان القديمة لم تتفاعل مع الحدث بالقدر المرجو منها كما أن هناك أشياء كثيرة ومتداخلة في تحليل النتيجة ليس من السهل إصدار أحكام نهائية فيها الآن، إن الحقيقة البائنة تؤكد أن هناك عشرات الآلاف من أنصار المؤتمر الوطني لم يتمكنوا من الوصول لمراكز الاقتراع للادلاء بأصواتهم وهذا ما يدفعني لأضم صوتي لصوت الذين طالبوا المؤتمر الوطني بمراجعة حساباته بضخ دماء جديدة لتواكب الواقع الذي تشكل بعد النتيجة والمثل يقول «اليد الواحدة ما بتصفق» فأحمد هارون لا يمكنه النهوض بأعباء جنوب كردفان وحيداً ومن حوله نخب جنوب كردفان على مقاعد المتفرجين ولولا جهوده البائنة في البنيات التحتية كرصف الطرق الداخلية بمدن الولاية الرئيسية كالفولة والمجلد وكادقلي والمستشفيات كمستشفى كادقلي المرجعي وما بذله في برنامج حصاد المياه وبحيرة كيلك من أهم شواهده وتأهيله لمدارس ودور القيادة ومراكز التديب المهني وبعمله في رتق النشيج الاجتماعي وبسط الأمن عبر إدارته للشراكة مع الحركة الشعبية مهما كان رأي الآخرين فيها فهي في النهاية اتفاقية لما فاز وملزمة للمؤتمر الوطني وفي تقديري الخاص فإن جنوب كردفان بتقاطعاتها المعروفة لن يستطيع كائن من كان أن يحقق ما حققه أحمد هارون في الانتخابات.