سأضع غداً بين يدي الأخ المهندس مجاهد بلال طه إحصائية شاملة لما يحصل عليه الدستوريون في مناصب الوزراء الولائيين تحديداً لنقف معه علي أرضية نقاش موضوعية تساعدنا جميعاً لقيادة حوار هادئ وهادف يفيد الوطن والمواطنين علنا نخرج من دائرة الترصد والتربص التي تتسم بها علاقة المواطن بالتنفيذي .. وتضيق الدائرة أكثر كلما اقتربنا بهذه العلاقة من دائرة الصحافة والإعلام حيث تتسع هوة الخلاف الوجداني أكثر .. ومايحدث عندنا في السودان يختلف كلياً عما يحدث في مناطق أخرى وفيها يتعامل الإعلام بمنتهى الشفافية والوضوح مع مايحصل عليه الوزراء والتنفيذيون من رواتب وامتيازات .. ويمكن لأي صحفي أن يحصل علي أدق تفاصيل ما يمنح للوزير أو المسؤول الرفيع في دولته من راتب ومخصصات وهي قضايا لاتدخل في دائرة أسرار الدولة ولكنها معلومات مشاعة ومتاحة بفرضية أن الوزير والمسؤول الرفيع هو موظف كبير عند المواطن الذي يدفع راتب من يتولون أمره .. وإذا كان الشعب هو من يدفع أجور وزرائه ومسؤوليه فلماذا إذن لا يتعرف عليها ليقف شاهداً على تجاوزات قد يرتكبها هذا الوزير أو ذاك في غفلة من غياب الرقابة الشفافة ؟!! إن الحديث والتناول المتوجس والمتربص كما أسميه لموضوع حوافز وامتيازات الوزراء وكبار رجال الدولة في بلادنا مرده الى طريقة الغموض والتكتم التي ندير بها أمرنا كله .. في دول مثل أمريكا مثلاً لايكون النقاش عالياً ولاصاخباً حول ما يتقاضاه الرئيس الأمريكي من مخصصات وامتيازات .. ولكن الجدل الذي يحتدم عالياً وواضحاً يدور حول الدور الذي يقوم به الرئيس .. وطبيعة المهام والوظائف التي يقوم بها من يختارهم من الوزراء والمساعدين والمستشارين حيث تكون لكل منهم مهام محددة وأدوار معينة يقوم بها تتوزع وفق خطط واضحة ومحددة طيلة الفترة التي يشغل فيها المنصب .. وتكون المحاسبة شاملة وعادلة عندما تحين .. فالمسؤول المعني تتم مساءلته عن أي تقصير أو تأخير في المهام والواجبات التي توكل إليه .. من جهة أخرى تبدو المقارنة غير موضوعية ومجحفة بعض الشيء عندما نضع مايحصل عليه الوزير من مخصصات وامتيازات في مقارنة مع مايحصل عليه العامل والموظف في المؤسسة المعنية .. إن حكمة الله في خلقه تقتضي التفاوت والتباين بين الناس في الرزق .. فما الذين فضلوا برادي فضلهم .. ونهى أن تكون أمراض الحسد والغل مقياساً « جوانيا » لمقاربة الأمور وتحديدها .. قلت من قبل لصحفي نابه اجتهد كثيراً في إعداد تحقيق صحفي كما سماه لكشف المفارقات المذهلة كما قال بين مرتب العامل البسيط والوزير .. قلت له : لماذا لاتبدأ براتب مدير تحرير صحيفتك وهو شخصي الضعيف يومذاك .. فأنا كما قلت له حينها أتقاضى راتباً يعادل خمسة أضعاف مايحصل عليه رئيس القسم بصحيفتنا !! .. وعليه لماذا لاتسأل عن أسباب هذا التفاوت وتقدم مقترحات عملية للحل بدلاً من تحميل القضية في مستوى آخر ما تحتمل بمقارنة تفتقر لرؤية منهجية في التناول والطرح .. لكن ما يزيد الأسئلة سخونة هو أننا عشنا زماناً ونعيشه أصبحت فيه الوظيفة الدستورية مدخلاً لمعالجات سياسية لاعلاقة لها بهموم وقضايا المواطنين الأساسية .. وهنا يمكن القول بأن وظيفة كهذه تستحق التوقف والمراجعة .. ومن هنا سيكون مدخلنا لحديث الغد بإذن الله قبل أن نبسط أرقام توزيع مخصصات الدستوريين .. وعندها سيتعجب كثيرون .. أو يستغربون .. ولكنها الحقيقة !!