ثلاثة أحداث وثلاث قضايا شغلت الناس في الآونة الأخيرة أولاها بدأت منذ فترة قصيرة وأصبحت مادة تقتات منها الصحف (الخبر والرأي والتحليل) وهي قضية (سوداتل) التي هي جزء من قضية الاتصالات في بلادنا، وقد قاد زميلنا الأستاذ عادل الباز حملة ضارية على الشركة السودانية للاتصالات المعروفة إختصاراً ب(سوداتل) ثم لحق به المهندس الطيب مصطفى و (دخل) آخرون في خط الهجوم الذي أراد له البعض أن يكون هجوماً منظماً و (ممنهجاً) لتحقيق أهداف محددة. لا أدافع عن (سوداتل) ولا أريد لأن لها ألسنة تنطق بها وأيد تبطش بها وأرجل تمشي عليها بين الناس، ولكن واستناداً على منطقنا (البلدي) الذي يقول بأن (الحساب ولد)، علينا أن نجلس ونتحاسب (حساب التجار) لا (حساب النواتة) الذي يقوم على قاعدة (بي قرش بصل.. وبصل بي قرش.. يبقوا قرشين) . وزعت (سوداتل) بياناً قبل فترة أعلنت فيه عن قيام جمعيتها العمومية التي انعقدت بالفعل في السادس والعشرين من مايو الماضي، وكشفت فيه عن مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني منذ إنشائها وظهرت لنا أرقام كانت ستظل حبيسة الأوراق والملفات وأجهزة الحاسوب في رئاسة الشركة ومقارها المختلفة وفي إدارات بنك السودان وبقية البنوك التي تتعامل معها (سوداتل).. وقد وصلت إليَّ نسخة من ذلك البيان على بريدي الالكتروني، وقمنا بنشر ملخص له في الصفحة الاقتصادية ليكون مادة رئيسية لها لأهمية ما ورد في ذلك البيان من أرقام ومعلومات. الآن استعرت نيران المعارك الصحفية، وأخذت سهام كثيرة تنال من سوداتل اقتصادياً ومعنوياً، دون أن تلوح لنا في أفق ذلك الخلاف بادرة تقارب أو مقاربة لفض الاشتباك، لكننا نخشى أن يستغل ما يجرى الآن- إن لم يكن قد استغل بالفعل- ليكون جزءاً من حرب الاتصالات أو حرب الشركات، ونخشى على بلادنا التي اكتسبت سمعة طيبة في مجال الاتصالات أن تنحدر سمعتها إلى درك ينفر المستثمرين في الداخل والخارج. نحن نحتاج إلى تدخل الحكماء وتدخل البرلمان لا لوقف المعارك الإعلامية الدائرة ولكن لإحقاق الحق.. ولا لمناصرة شركة وطنية رائدة ضد شركات أجنبية منافسة، ولكن للوقوف على النجاحات ومراجعة الإخفاقات.. نحن نحتاج إلى الحكمة قبل إصدار الأحكام.. أما ما يتعلق بالأمن فهو انعقاد مؤتمر أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية الثامن (السيسا) بالخرطوم يوم أمس ومخاطبة السيد رئيس الجمهورية له وقد خاطبه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول مهندس محمد عطا المولى عباس.. وقد سألني مندوب تلفزيون الكويت عن أهمية هذا اللقاء وقلت حديثاً طويلاً لكنني ركزت على التوقيت الذي تشهد فيه بلادنا نهاية الفترة الانتقالية في التاسع من يوليو المقبل، وتشهد صدامات ومواجهات في «أبيي» وربما في مناطق أخرى ناتجة عن تحرشات واعتداءات جيش الحركة الشعبية ومحاولة تقويضه للأمن والاستقرار.. ثم هناك التوقيع المرتقب لاتفاقية سلام دارفور.. وأحسب أن كل ذلك سيكون جزءاً من أجندة المؤتمر أو جزءاً من أجندة بعض لجانه. وفي أمر (الاستقالة) التي أشرنا إليها في عنوان هذه الزاوية فهي استقالة الدكتور أزهري التجاني وزير الإرشاد والأوقاف من منصبه على خلفية (الخلافات) مع مدير الهيئة العامة للحج والعمرة الذي رفض قرار الإيقاف الصادر من الوزير ورفض الامتثال للجنة التحقيق في مخالفات مالية مرتبطة بمديونيات مليونية لجهات لا يربط بينها وبين الهيئة رابط مالي.. وتلك أمور كشف عنها مجلس الإدارة الذي رفع توصية للوزير.. حسناً فعل وزير الإرشاد، إذ ثبت لنا أن مدير الهيئة العامة للحج والعمرة الآن هو أقوى رجل في السودان يفعل ما يريد وقتما يريد وأنه فوق الدولة وفوق القانون. الموقف المشرف للدكتور أزهري التجاني يجب أن يتبعه موقف مشرف آخر (جماعي) وهو استقالة رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة.. اليوم قبل الغد لأن كل الذي جرى ما كان يجري لولا الدور التخطيطي والرقابي لمجلس الإدارة.