نفى المدير التنفيذي والناطق الرسمي لهيئة مياه ولاية الخرطوم تلوث مصادر المياه.. هكذا جاء الرد الرسمي على وجود ديدان داخل مواسير مياه الشرب حيث اشتكت بعض أحياء ولاية الخرطوم .. لكن ذات المصادر التي نفت وجود ديدان أكدت على وجود شبكات قديمة انتهى عمرها الافتراضي تكثر بها الكسورات تؤدي إلى التلوث أحياناً، وعزا وجود اليرقات داخل المياه ببعض أحياء العاصمة لكسورات الشبكات القديمة بجانب الخزانات الأرضية والعلوية والخطوط الفرعية الموصلة للمنازل أو القريبة من المصاصات.. (الرأي العام).لاحظ أن الناطق الرسمي نفى وجود ديدان واعترف باليرقات.. لكن ديدان إم اسم الدلع يرقات فهي في النهاية تدل على إهمال واضح وصريح وعدم اهتمام بصحة الإنسان.. وهي فضيحة كبرى ترجعنا إلى القرون الوسطى حيث يشرب الناس ومواشيهم من نفس المصدر. ما عسى أهل السودان فاعلون وقد ابتلاهم الله بمسؤولين هم سياسيون أولاً ومن بعدهم فنيون يحسبون ألف حساب لتصريحاتهم بحيث لا تغضب من هم أعلى منهم وظيفياً أو سياسياً.. لا فرق.. المهم يبحث عن التبرير الذي يعتقد أنّه غير ضار بالحكومة حتى إن كان مثل قفل البلوفة عند احتجاجات مياه بري الشهيرة لمدير المياه ولم يشعر بعقدة الذنب والأجهزة الأمنية بالولاية تنفي ما قال الرجل وكذا الوالي نفسه.. المتطوعون بالتحليلات السياسية لأوضاع الخدمات.. منافسون جدد في صاحبة الجلالة. نعم هناك مشكلة كبيرة تتمثل في قدم الشبكات وتآكلها وانتهاء عمرها الافتراضي.. لكن لماذا لا توفر الموارد المالية لتحديث شبكات المياه سواء عبر الاستثمار الأجنبي أو القروض حتى ولو كانت على صيغة القروض التي يتناطح حول شرعيتها أعضاء المجلس الوطني.. ما يسوقه مسؤول المياه حول الأوضاع المتردية لمياه الشرب ليس له ما يبرره سوى الاستهانة بصحة الإنسان السوداني التي أصبحت معتلة.. ودونكم أمراض التايفويد التي ضربت نسبة عالية جداً من سكان الخرطوم الأشهر الماضية.. لكن من الذي يجاهر بالبغلة في الإبريق.. فمسؤولي المياه تسيطر تصريحاتهم على كافة الصحف بنفي أي علاقة لمياه الشرب بظهور أمراض. لم أكن أتصوّر أن قطاع مياه الشرب يمكن أن يستمر على حاله بعد تولي د. الخضر وإلى الآن.. فقد كنت شاهد عيان على أول اجتماع للوالي الجديد بمعتمدي المحليات ومسؤولي المياه بالولاية وكانت توجيهاته حينها صارمة وحازمة لمعالجة المشكلة خلال أسبوعين.. ومن يرى بغير ذلك فليوضح الأسباب.. لم يجاهر ولا واحد من الحضور بأن المسألة لن تكون كما وجه الوالي.. طأطأ الجميع رؤسهم بالموافقة التامة.. في اليوم التالي جاءت المانشيتات في صدر الصفحات الأولى.. حل مشكلة مياه الشرب خلال أسبوعين.. كنت من الذين طبلوا وهللوا لهذا الإنجاز العظيم.. ها نحن نقترب من السنتين ولازال الوضع كما هو عليه في نفس المربع. في منبر «آخر لحظة» بعنوان مياه الخرطوم تضع النقاط على الحروف.. تحدث مسؤولو المياه بإسهاب حول عدد من القضايا المهمة خاصة فيما يختص بالتأهيل والتشغيل وتوفير المياه وأشار المهندس خالد حسن إلى عمليات الإحلال والإبدال للخطوط والشبكات.. ورغم أن الأرقام التي ذكرها هنا تشير إلى جهود مبذولة لكن ما يدعو للإحباط اعتقاده بأن ما ذكره من إنجاز هو سبب بقائه في المنصب حيث قال (لهذا لن استقيل) الاستقالة ليس بالضرورة أن يتقدم بها الشخص الفاشل فقط لكن إذا جاءت من الشخص وهو في قمة عطائه فلاشك أنها الأجدى بالتقدير.. ما ذكره مسؤولو الهيئة حول أسباب التلوث اعتقد أنها مسألة مهمة جداً وتحتاج إلى خطاب توعوي وليس فقط لإبعاد المسؤولية عن الهيئة.. أما مسألة التحصيل وإسناده إلى من تركوا الخدمة ومعاشيو الهيئة فمن الأفضل إعادة النظر حولها بعد تقيم التجربة فالهيئة ليست واحدة من مؤسسات الضمان الاجتماعي لخلق وظائف أو حل المشكلات الاجتماعية. إذا استقال مسؤول أو كنكش في الموقع لا فرق حيث تبقى مشكلة مياه الشرب مشكلة دولة ومجتمع لن تنتهي بمغادرة فرد. سعدت جداً وأنا أتابع حفل توقيع عقود تمويل بين ولاية الخرطوم وبنك الخرطوم لتنفيذ محطات مياه جديدة بقيمة 150 مليون جنيه.. مشروع مهم لتخطي عقبة الموارد المالية رغم أن هذا المشروع تأخر لأكثر من عام حيث كان من المفترض أن يوقع عليه في يناير 2010 لكن ماذا نقول في البطء والبروقراطية لنستمر في شكوى الموارد المالية إلى أن تصب الحنفيات ديداناً أو يرقات السؤال المشروع. لماذا لا يسند تنفيذ مثل هذه المشروعات إلى الشركات الوطنية.. فمثلاً أكواسودان التي وقعت مؤخراً فهي من الشركات المؤهلة فنياً لإنجاز مثل هذه الأعمال المهمة.. لماذا نلجأ إلى شركات تركية أو هندية. بعد توقيع صندوق تمويل الفرات ننتظر أن تأتينا هيئة المياه بمبررات جديدة غير التمويل لترمي عليها شماعة سوء الشبكات على الأقل في الصالحة وبري.