تعد بورتسودان ميناء السودان الرئيسي، وتقع على البحر الأحمر في مقابل المملكة العربية السعودية، وقالوا إنه في القديم لم يكن لسان البحر الذي يفصل بين بورسودان وجدة، وكان ميناء بورسودان قديماً مشهوراًً بتصدير القطن والصمغ العربي والجلود، وعن طريقه تأتي كل السلع للسودان، وعندما كتب محمد شفيق غربال، الموسوعة العربية الميسرة سنة 1965م، قال إن سكان بورسودان في ذاك الزمان كانوا 52 ألف نسمة، ولكن الآن أكثر من هذا بكثير، ويقول غربال إن بورسودان إنشئت سنة 1906م، ومنذ إنشائها عاش فيها أقباط السودان الذين يعملون في الميناء وفي التجارة، واتسعت المدينة الآن ولكنها في الوقت نفسه ولأسباب سياسية، ولتردي الخدمات، صارت طاردة لأهليها، وقد هاجر عدد كبير من الأقباط مع بدء ثورة الإنقاذ، وعاشوا في بلاد المهجر وكل قلوبهم معنا في السودان، وعندما يجدون الفرصة يحضرون لكي يستعيدوا في بورسودان أجمل ذكريات العمر. وإذا كان شفيق غربال قال إن مدينة بورسودان إنشئت في 1906م، فإن هناك من يقول إن بورسودان بدأت قبل هذا التاريخ بعدة سنوات وبالتحديد في عام 1888م. وجاءتنا إفادات من الدكتور ريمون شوقي قليني أستاذ بجامعة البحر الأحمر بورسودان، وأقدم إليكم أفاداته مع شكري، لتجاوبه السريع مع طلبنا، ولقد أكد لنا إننا فعلاً ذهبنا إلي الرجل المناسب وهو يقول: إنه عندما بدأت بورسودان، ثغراً سودانياً باسماً، وميناءاً رئيسياً في عام 1888م، كان الأقباط ليست لديهم كنيسة، وكانوا يصلون في الكنائس الأخرى، وعندما تزايد العدد صارت الحاجة ماسة إلى الكنيسة، وبدأ هذا في عام 1922م، وفي نفس هذا العام، قام الأنبا صرامامون مطران السودان بوضع حجر الأساس إيذاناً بالبدء في البناء، لأنه في نفس هذا العام ظهر في المجتمع القبطي قائد مدفعية مصري محب للكنيسة، وقد وقف مع مطران السودان، وأهتم بالحصول علي الأذن، وبدأ البناء وكان الإفتتاح بعد عام واحد، وبالتحديد في 27 مارس 1923م بحضور القمص مكسيمون البراموسي نيابة عن المطران الذي منعته ظروفه من الحضور، وكأن هذا موضع فقد من أقباط بورسودان، لأنهم كانوا يحبون تواجد المطران معهم، وقد افتتحت الكنيسة باسم السيدة العذراء، وكانت كنيسة مبنية بالخشب، وكان أغلب بيوت بورسودان تبني بالخشب بسبب أرتفاع نسبة الرطوبة هناك. وفي عام 1932م، جاء زائراً إلى بورسودان، البابا المعظم الأنبا يوأنس التاسع عشر وهو البابا رقم(113) ورغم أن زيارته كانت سريعة لأنه كان متوجهاً إلى الحبشة، ولكن أبدى عدم ارتياحه بأن تكون كنيسة بورسودان من الخشب وصغيرة الحجم، ولم يخف البابا اعتراضه، ولم يبخل في أن يعلن استعداده للمساهمة في البناء. وفي عام 1935م بدأ بناء الكنيسة الجديدة بالحجر الأبيض بدون منارات، وكان سقف الكنيسة من الخشب والزنك، وتم تدشين الكنيسة بحضور نيافة الأنبا كيرلس مطران قنا، وكان الأنبا صرابامون قد رحل إلى الرفيق الأعلى، وجاء الأنبا كيرلس مندوباً عن قداسة البابا يوأنس وكان التدشين في شهر يونيو 1936م، وكان قمص الكنيسة في ذلك الوقت هو الأب مرقس الذي رسم بواسطة الأنبا صرابامون ليخدم في بوسودان، ولكنه لم يستمر وجاء إلى الخرطوم بحري، ثم انتهى به الترحال في كنيسة مارجرجس هليوبوليس مصر الجديدة، وكان مع القمص مرقس مرتل كنيسة بورسودان المعلم سركيس مراد. بعد نياحة مطران السودان الأنبا صرابامون، تم تقسيم السودان إلي أبياراشيتان، الخرطوم ثم أم درمان، وجاء نيافة الأنبا باخوميوس إلى مطرانية أم درمانوعطبرة، وأحياناً كانوا يقولون عطبرةوأم درمان وبورسودان، وكان هذا في 30 يونيو 1947م، وفي زيارة الأنبا باخوميوس لبورسودان، لأحظ أن الكنيسة بدون منارات فقام على الفور بالإهتمام بالمنارات، وقد أضاف إلى اسم السيدة العذراء الشهيد مارجرجس ولقد كان مثقلاً بمحبة أمير الشهداء. كانت أمنية الأنبا باخوميوس توسيع كنيسة بورسودان، ورحل دون تحقيق أمنيته، وأراد الأنبا توماس أن يكمل المسيرة ولكن لم يجد وقتاً، وقد استمر على كرسي أم درمان أربع سنوات فقط رحل بعدها إلى بيته السماوي. عندما جاء الأنبا أسطفانوس مطران لأم درمانوعطبرة وبورسودان (29 سبتمبر 1963 24نوفمبر1992)، تحقق على يديه حلم الأسلاف، وفي عام 1973م تم وضع حجر الأساس لكنيسة بورسودان، وفي الخامس من الشهر الخامس من العام الخامس والسبعين بعد الألف وتسعمائة أي 5/5/1975م، كان تدشين كنيسة بورسودان القبطية بواسطة نيافة الأنبا أسطفانوس.