الأغنية السودانية مصابة بأنيميا الجفاف لدى الذائقة العربية من الأزرق الى الازرق ، سبق وان كتبت كثيرا عن المقولة الشهيرة ان الاغنية العربية إنطلقت من اليمن وترعرعت في الحجاز وأزدهت في الشام وسطعت في المغرب ، ورقصت في مصر وبكت في العراق ولكنها يا حسرة انتقلت الى رحمة الله في السودان ، وهي من المقولات الخبيثة المتداولة على السنة أشقاؤنا العرب ، الكثير من الأصدقاء الخليجيون يقولون ان جميع الالحان السودانية متشابهة ، وهذه طبعا وجهة نظر باهتة ، وأتصور ان ذائقتهم مصابة بعدم التمييز ، للأسف في كل شهر تقريبا تشهد دبي والقاهرة وجود العديد من المطربات والمطربين السودانيين ، اتصور وأقسم بأغلظ الايمان ان هؤلاء جيمعهم مصابين بالعمى والبلم وإنعدام الحس الفني ، اقول ذلك لانه يذهبون الى دبي والتي تتضمن اكبر ميديا في الوطن العربي وهمهم الوحيد الغناء للجالية السودانية ، وإذا كان اصحابنا هؤلاء مطربات ومطربين لديهم افق واسع كان بامكانهم غزو الفضائيات في مدينة الاعلام في دبي ، ولكن يبدو انهم سيظلون محلك سر يسافرون ويعودون الى أعشاشهم التعيسة ولا من شاف ولا من درى ، المهم حكاية ضبابية الأغنية السودانية سطعت في دماغي حينما وقف صديقنا وزميلنا الصحافي والشاعر السعودي عادل المالكي ،قبل عدة ايام فوق رأسي بينما كنت منهمكا في العمل ، توقف صاحبنا وفتح جهاز هاتفه الجوال فانطلق منه صوت فنانة سودانية تعيسة وهي تردد ( دقيت ليه ما رد يرن جواله بي شده ) ، يدق بيت شياطين صوتك ، المهم الرجل إلتقط صوت وصورة الفنانة الكحيانة من اليوتيوب ، طبعا حاولت معرفة المطربة بدون فائدة وهنا تبرع زميلي وجاري في العمل شيخ العربان مختار العوض وقال ان الفنانة التعيسة تقلد ندى القلعة ، ولأن صورة الفنانة على الجهاز كانت ضبابية أقسم صاحبنا العوض أنها الفنانة ندي القلعة بشحمها ولحمها ، فقلت له انها ليست ندى وانما مطربة كحيانة تحاول تقليدها ، بالمناسبة يا جماعة الخير اخونا مختار ليس ضليعا في معرفة فنانات الطقس العشوائي ، المهم بعد ان بردت حرارة الركض والعمل ، اكتشفت أن الفنانة تدعى هبه مين كده ، ولا اتصور انها معروفة في مشهد الغناء الدكاكيني في السودان ، وهي بالمناسبة من النوع الذي يطلق عليه في الخليج ( طقاقه ) يعني مطربة بيوت افراح ، الشيء الذي غاظني وفتح مليون نافذة في دماغي الخربان ان المطربة الكحيانة ، اضافت الى جسد الاغنية بعض من الردح السخيف الذي اشتهرت به نظيراتها من فنانات الطقس العشوائي ، ويبدو ان سذاجة هذه الغناية جعلتها تتصور ان الاغنية تراثية فأضافت لها من عندياتها بعض الحواشي المقززة ، للأسف حتى أصحابنا العتاولة المادحين في السودان ، يجيرون بعيون قوية الألحان المتداولة في المشهد الفني لصالح المدائح ، وكله عند هؤلاء صابون .