من أطرف الحكايات عن الكتب ان رجلا أمريكيا زار روما في سبعينيات القرن الماضي وإستعار كتاباً في التاريخ من مكتبة عامة في هذا البلد ، وبعد إنقضاء عطلته سافر دون ان يرد الوديعة الى المكتبة ، وبعد أكثر من ثلاثين عاما ، تذكر صاحبنا الأمريكي الكتاب ( العارية ) وقام برده الى المكتبة ، الشيء الطريف ان الرجل وجد ذات المرأة التي سجلت إستعارته للكتاب ، ولم تسأله عن المدة التي أمضاها الكتاب في حوزته ،عفوا حكاية هذا الأمريكي ليس موضوعنا اليوم ، ولكن الحكاية تتعلق بالمكتبات العامة في الوطن العربي ، حيث يقال أنها لا تتجاوز 4500 مكتبة ، وهذا نتاج طبيعي لحالة الركود الثقافي ، فقد أصبح الكتاب في الراهن يتيم وسط إصدارات الطبخ ، هذا السيناريو نتاج طبيعي لثقافة البطون والموضة في العالم ، حتى المجلات لم يعد لها وجود في المد التصاعدي لآليات النشر الالكتروني ، وأحصي باحث في الإسثمار العربي في الكتب أن الاستثمار في كتب الطبخ يصل إلى أكثر من إثني عشر مليون دولار في السنة بينما يبلغ حجم الاستثمارات العربية في صناعة الكتاب بصفة عامة خمسة مليارات دولار بالتمام والكمال وربنا يحسن ويبارك ، للأسف هذا الشح في انتاج الكتب يعود حسب الخبراء الى الحالة المزاجية العامة في الوطن العربي ، إلى جانب إنشغال الناس بالقوت اليومي ، وانتشار ثقافة الفضائيات في الوطن العربي من البحر الى البحر ، للأسف وسط هذا الزخم نجد ان بعض الزعماء الديكتاتوريين ، يصرون على دخول عالم التأليف ومن هؤلاء الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والذي عكف في أوآخر عهده الى ركب موجة التأليف الروائي واصدر ثلاث روايات ، غير أن خصوم الرجل يؤكدون ان الأعمال أعدها كتاب من خلف الكواليس ، كما ان صدام خلال فترة إحتجازه من قبل الامريكان قام بكتابة سيرة حياته وفترة حكمه ولكن يبدو ان هذا الإصدار لم يخرج الى العالم حتى الآن ، أما الطاغية معمر القذافي فمن قولة تيت حينما إعتلى ديسك الحكم في بلاده ، ركب موجة المؤلفين أو المهرجين لا ادري وقام بإعداد الكتاب الأخضر التعيس والذي لوث صفحاته ببعض الخزعبلات وحاول أن تكون له بصمة في عالم المؤلفين ، غير ان الشعب الليبي الثائر ركل بقوة كل ما هو متعلق بالكتاب الأخضر وذهب الى مزبلة التاريخ دون ان يبكي عليه احد ، وفي سياق الزعامات التي تريد البرستيج فإن الرئيس الفنزويلي المريض حاليا هوغو شافيز يقال أن لديه أطول برنامج في التاريخ كان يطل عبره من إحدى محطات التلفزة في بلاده ،وهو برنامج حسب مشاهديه ممل وتعيس الى آخر مدى ، وفي السودان نجد أن بعض الأثرياء الجدد من فئة ( متين شافوه ) يحاولون في إستماته الدخول الى عالم كتابة الشعر والتلحين من أجل البرستيج ، للأسف هذه الفئة الفارغة تنمو وتترعرع في فضاء من العتمة السودانية ، وامسك عن أسمائهم لأنهم معروفون لدى المشهد السوداني ، ولكن الشيء الجميل جدا أن نتاج هذه الفئة مثل رياح الخماسين ، سرعان ما تنطفئ مخلفة وراءها الخواء ودقي يا مزيكا .