تباينت آراء القوى السياسية حول مشاركة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في احتفال رفع علم دولة الجنوب الوليدة ففي الوقت الذي أكّد فيه حزب الأمة القومي أهمية مشاركة الرئيس في المناسبة للتأكيد على ضرورة تجاوز مرارات الماضي والإقبال على المرحلة المقبلة برؤية جديدة وصف المؤتمر الشعبي المشاركة بأنها غير ذات جدوى إذا لم تسهم في تسوية الخلافات وتضع حداً للتوترات بين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لكن الاتحادي الديمقراطي الأصل اعتبر أن المشاركة ملزمة لأن انفصال الجنوب نتاج طبيعي لاتفاقية نيفاشا التي يمثل المؤتمر الوطني أحد طرفيها وقال حزب البعث العربي الاشتراكي ندعو لمشاركة البشير في المناسبة لكننا نرفض المشاركة الشعبية حتى لا تفسر بأن الشعب فرح لهذا الانفصال. أكد حزب الأمة القومي أهمية مشاركة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في احتفال إعلان انفصال الجنوب ورفع علم الدولة الوليدة في التاسع من يوليو المقبل وقال إن المشاركة مهمة لأنها تؤكد تجاوز مرارات المرحلة الماضية وتمهد للرؤية المستقبلية خدمة لتطلعات شعبي السودان في الشمال والجنوب. ووصف الفريق صديق إسماعيل الأمين العام للحزب المشاركة بالمهمة مشيراً إلى أن الرئيس يمثل رأس الرمح في هذه المرحلة فيما يلي القضايا الوطنية وقال لا شك أن انفصال الجنوب وانقسام السودان لدولتين أمر له مرارات لكن في نفس الوقت يمثل إرادة لمواطنين سودانيين قرروا تأسيس دولة بإرادتهم وأضاف أن كان هناك بعض المآخذ على الخطوة لكن تبقى أهمية العمل لتعزيز العلاقة الأخوية بين الدولتين و العمل من أجل التعاون والتنسيق والتكامل من أجل تحقيق التوافق والتعاون بين الشعبين في الشمال والجنوب لتمتين أواصر المودة والمحبة التاريخية والعمل الجاد لاستعادة الوحدة بين الشمال والجنوب على أسس جديدة تقوم على التراضي والتوافق الشامل. وفي ذات السياق قال عثمان عمر الشريف- القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) ليس هناك ما يمنع المشير عمر البشير رئيس الجمهورية من المشاركة في احتفال إعلان دولة الجنوبالجديدة لأن الانفصال نتاج طبيعي لاتفاقية السلام الشامل نيفاشا التي وقعت بين الشريكين وزاد إن الانفصال تم برضا شعب الجنوب واستدرك الشريف لكن إذا حصلت حرب بين الشمال والجنوب فهذا موضوع آخر، وأضاف أن الالتزام بالعهود والمواثيق من ناحية أخلاقية أو مجاملة ليس فيه ما يمنع الرئيس من المشاركة وأشار الشريف إلى أن الاتفاق يعتبر من الأعمال البارزة للإنقاذ لذلك هي تستفيد من ايجابياته وتتحمل أوزاره. وأكد مكي علي بلايل رئيس حزب العدالة القومي أنه من الأوفق أن يشارك البشير في احتفال الجنوب بإعلان دولته، لأن الخطوة تدعم بناء علاقات جيدة بين البلدين وجوار آمن، خاصة وأن الرئيس أعلن اعترافه بدولة الجنوب وقال إنها ستكون دولة جوار وأبان بلايل أن حكومة الجنوب قدمت الدعوة للبشير باعتباره رئيساً للجمهورية وليس رئيساً للمؤتمر الوطني وقال مشاركته واردة وتابع لكن إذا لم توجه الدعوة فيكون ذلك تصرف غير سليم من دولة الجنوب. وبدأ د. يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الإسلامي حديثه ل«آخر لحظة» الرئيس رحب بقيام دولة جديدة وأعلن وقوفه ودعمه لها فكيف لا يشارك في إعلان الانفصال وقال لابد أن يشارك وتساءل الكودة هل يعقل أن إنساناً يرحب بدولة جديدة ويرفض أن يشارك في الاحتفال بإعلانها. وقال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام إنه مع زيارة البشير للجنوب ومشاركته في احتفال إعلان الدولة الوليدة إذا كان ذلك يعالج المشكلات المعقدة بيننا وحكومة الجنوب في ظل الأزمات المعقدة المتمثلة في طرد الجنوبيين من الخدمة المدنية وأحداث جنوب كردفان وأبيي وإلا إذا كانت المشاركة فقط من أجل المشاركة فإن حزبه ضد ذلك، مشيراً إلى أن الانفصال نفسه نتج جراء ما أسماه بالفشل السياسي وقال أمين عمر سر حزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري إنه من الأفضل مشاركة الرئيس البشير في إعلان دولة الجنوب لكنه طالب بعدم مشاركة القوى الشعبية لأن مشاركة البشير تدعم العلاقات الطبيعية بين الدولتين الجارتين لكن عدم مشاركة القوى الشعبية حتى لا يفسر أن الشعب فرح لهذا الانقسام بل الأفضل إرجاء زيارة الوفود الشعبية إلى وقت لاحق بعد الاحتفال بالانفصال في التاسع من يوليو المقبل. وقال الدكتور ديفيد ديشان القيادي الجنوبي البارز والخبير في القانون الدولي إن البشير رئيس للجمهورية وإذا انفصلت الدولة حسب القانون الدولي فهو الذي يعترف بها وإذا كان أهل الجنوب قد عملوا بصورة سليمة فالبشير ينبغي أن يذهب ويرفع العلم لأن هذا دليل على اعترافه وبعدها تأتي دول العالم الأخرى وتعترف بدورها. وقال دكتور ديفيد إنه بدون دعوة الرئيس وحضوره لن يتم الاعتراف بالجنوب ولذا ما لم تدعوه الحركة فستكون هناك مشكلة ولذا يجب أن يكون هو أول شخص يحضر. بداية قال الأستاذ أتيم قرنق القيادي البارز بالحركة الشعبية نائب رئيس البرلمان السابق إن القضية ليست مسألة مزاجات وإنما مواقف والرئيس سبق وأعلن مواقفه تجاه الجنوب وقال في زيارته الأخيرة لبورتسودان إن الجنوبيين لا يفهمون إلا بالطلقة والرصاص وهذا ليس بالحديث الذي يحمله على المجيء ولو كنت مكانه « حسبما قال أتيم» لن أحضر. وقالت مستشارة الرئيس الأستاذة اقنس لوكودو إنه إذا لم يحضر وحضر وفد يمثله فلا مشكلة وقالت لوكودو إن البشير رجل كريم وهي لا تقول هذا الكلام من باب المجاملة وإنما كلام حقيقي معتبرة أن قضية أبيي قد تمنعه من الحضور. وقال العميد حسن بيومي الخبير الأمني إن مشاركة الرئيس تتوقف على من قدمت لهم الدعوة أولاً فإذا قدمت لساركوزي أو أي من الرؤساء فلن يذهب لأنهم لن يقابلوه والموقف سيكون صعباً باعتبار المحكمة الجنائية الدولية وقال بيومي إن قصة طائرة الرئيس تعتبر درساً له وينبغي أن تُفهم . ولكن ترى القيادية تريزا أوين من قطاع الجنوب بالمؤتمر الوطني أن تصريحات الرئيس الأخيرة يجب ألا تعلق في النفوس معتبرة أن وجود البشير في احتفالات الانفصال تعني الدعم لأنه جاء بالسلام ولولاه لما توصل الجنوب للانفصال كما أن حضوره لجوبا أولى من غيره وهو يدعم المولود الجديد وهو دولة الجنوب وقالت مدام تريزا إن الحضور الغربي ووضع اعتبار له يعني «سواطة المواضيع» على حد تعبيرها لأن البشير هو رئيس للسودان وجزء لا يتجزأ من الاتفاق وكل القيادة في حكومة الجنوب جاءت من يده ولكن استدركت الأستاذة تريزا بالقول إنهم لا يريدون وضع الرئيس في موقف لأنه إنسان عزيز عليهم ويعلم كل أهل الجنوب ما فعله وهو «عينا وراسنا» حسب تعبيرها. ويرى الدكتور إسماعيل الحاج موسى رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس الولايات أن الرئيس لا يقع في أي حرج إذا ما حضر وشارك في احتفالات الانفصال وإعلان الاستقلال لدولة الجنوب لأنه لا يخاصم أحداً بل المدعوون هم من يفتعلون الخصومة والرئيس أولى من توجه له الدعوة وأولى بالاستجابة وقال دكتور إسماعيل إن الحركة الشعبية تعاملت بطريقة لا تليق بالجهد الذي بذلته الحكومة والتي جعلت الحرب تضع أوزارها بل كانوا دائماً طرفاً مشاكساً وأفسدوا الفترة الانتقالية في قضايا أخرى كأبيي وجنوب كردفان ودارفور وغيرها..