مقالي الأسبوع الماضي:(المعلمون يريدون مكافحة قرصنة النقابة) أثار تفاعلاً من الرأي العام الذي طلب مني فتح ملف نقابات أخرى، وغضباً من نقابة معلمي شرق النيل، وارتياحاً من أصحاب القضية، فقد عبروا عن ارتياحهم سراً وعلانية، فكلٌ غنى على ليلاه.. يوم الثلاثاء رن هاتفي لأجد محدثي هو الأستاذ المحامي الكبير محمد الحسن أبو شامة قال لي: نقابة المعلمين بشرق النيل جاءوا لأفتح لهم بلاغ ضدك وضد رئيس التحرير، لكني طلبت منهم وقف هذا الإجراء، وأن نجمعكم لتسوية هذا الأمر. قلت: عندما تناولت هذه القضية كنت مدركة تماماً لمسئولياتي القانونية والأخلاقية ولدي وثائقي وشهودي ولا أخشى البلاغات.. قاطعني بانفعال لم أعهده فيه فهو واسع البال (تأكل وتقش في طرفو): لو دايرك تقيفي في المحاكم ما كان اتصلت عليك.. قلت: عندهم حق الرد الصحفي لتفنيد ما ورد في مقالي.. قال: تعالي أسمعي منهم أحسن، قلت: سأحضر غداً الساعة الرابعة عصراً وسأوجه لهم الأسئلة حول ما ورد إذا اقتنعت بما يقولونه سأكتب ما يدور بيني وبينهم في مقالي يوم الأثنين. وذهبت في الموعد المحدد وفي رأسي عدة سيناريوهات (كلها تتأبط شراً) وجاءوا وسلموا عليَّ بأريحية أخجلتني والله أربعة أساتذة أجلاء خامستهم أُستاذة وقورة محترمة.. مضيفنا أعرب عن أمله في حوار هادئ يزيل ما علق بالنفوس، وضحت لهم: أنني أكن لهم خالص الإحترام والتقدير كأشخاص وعندما كتبت لم أكن استهدف شخصاً، وليست لدي علاقة أو سابق معرفة بالذين لجأوا إليَّ كصحفية، وما كتبته أملاه عليَّ واجبي، ومن ذات المنطلق أجلس معهم، ولهم عليَّ مثل الذي للطرف الآخر من حق عرض وجهة نظرهم وتفنيدهم لما لحق بهم من اتهامات استنكروها.. فبدأ الحوار باستعراض ما في المقال فسألوا: نستبيح أجور المعلمين، كيف يعني؟ قلت: وهل هناك استباحة أكثر من ال13 استقطاع من مرتب المعلم؟ انبرى أستاذ حامد: الإستقطاعات دي نحن في شرق النيل لا فرضناها ولا بتدخل علينا كلها جاية من فوق، أسردها عليك واحدة واحدة : 50 قرشاً دمغة الضرائب- (إن شاء الله الإتحصلوها ما ينوموا بيها)- 50 قرشاً للجهاد(إذن ستكون ماضية إلى يوم القيامة)-5جنيهات تأمين شيكان عقد بين الاتحاد العام للمعلمين وشركة شيكان، وكلما نقوم به هو متابعة إجراءات ورَثَّة المعلم المتوفَّى لاستلام مبلغ ال12 مليون جنيه، وعندها علق الأستاذ عباس حبيب الله ضاحكاً: (ودي محتجات عليها الأخوات بشدة قالن يدوها ليهن في الحياة عشان الرجال بعدين ما يلقوها باردة ويعرسوا بيها)، وهي خاصة بكل المعلمين في السودان.. وواصل بأن هذا التأمين يتضمن منح المعلم مبلغ يتراوح ما بين 3000- 5000 جنيه لمواجهة تكاليف علاج 13 مرضاً من ذات التكاليف الباهظة مثل: السرطان، الفشل الكلوي، والقضاريف، والبروستاتا، واستئصال الرحم، وغيرها قاطعته: هناك معلمة أُصيبت بالسرطان قالوا إنكم لم تقدموا لها سوى 200 جنيه وهى في الرمق الأخير؟ردَّ الأستاذ حامد: والله بيدي دي سلمت أسرتها خمسة ملايين وأمشي أسأليهم- 2 جنيه لصندوق دعم الطلاب (أبسنينة يدعم أبسنينتين) 3.50 جنيه لدار النقابة العامة للمعلمين (من سنة دُك ما معروفة حدها وين؟)- 2جنيه لاتحاد العمال (العمال يسدوا عين الشمس رازيين المساكين ديل ليه باتحادهم، وجايبين ليهم النجيهة والكِجنة؟) 25-15 جنيهاً للصندوق الخيري للمعاشات وهو يكفل للذين في الدرجة الثالثة فما فوق مبلغ 12 مليون جنيه عند التقاعد، وللذين في الدرجة الرابعة حتى السابعة مبلغ 10 ملايين، وللذين من الثامنة فما دون 6 ملايين.. هذا الصندوق بدأ في 2005، صرف منه حتى العام الماضي أكثر من 22000 معاشي على مستوى السودان، استحقاقاتهم بلغت حوالي 143 مليار جنيه بالقديم5جنيهات اتحاد معلمين، اتحاد معلمي شرق النيل نصيبه منها فقط جنيه ونصف لتسيير أعماله، والبقية للإتحاد العام للمعلمين 5جنيهات لنقابة التعليم، نصيب نقابة شرق النيل فقط جنيه ونصف والباقي للنقابة العامة للتعليم، (اتحاد ونقابة: أحمد وحاج أحمد الشكية لبِّيداً قوية).. كل الاستقطاعات السالفة الذكر منزلة من فوق (ليس لنقابة شرق النيل فيها إلا وش القباحة)، بالإضافة إلى استقطاع 8% للصندوق القومي للمعاشات و4% تأمين صحي.. أما الجنيه فلدار نقابة معلمي شرق النيل، وقد اكتملت من ثلاثة طوابق بكلفة 226 مليون جنيه، فهي للاجتماعات والمؤتمرات وللتدريب ولإدارة شؤون المعلمين، وفيها مكتبة للمعلمين والطلاب، وتأتي آخر صيحة في عالم الاستقطاعات مبلغ 6جنيهات لصندوق التكافل تنزَّلت إليهم من الهيئة النقابية لعمال التعليم بولاية الخرطوم، وهذه سنفرد لها حيزاً في الأسبوع القادم. قُصر الكلام: من خلال الحيثيات السابقة نعلن براءة نقابة معلمي شرق النيل من استباحة مرتبات معلميها، ومن القرصنة ونقول لهم: (البتجي من السما تتحملها الواطة)!! الأسبوع القادم ننظر في تهمة الفرعنة وأخواتها، كانت شهيتي مفتوحة لتناولهم كلهم حزمة واحدة، ولكن (مقص نازك لنا بالمرصاد) كان حيين بنتلاقى.. فلستوب