ونواصل حديثنا مع السيّد رئيس الجمهورية.. واليوم حديثنا معه ليس بوصفه رئيساً للجمهورية.. ولكن بصفته رئيساً للمؤتمر الوطني.. ونعلم أنّه حزب مثله مثل سائر الأحزاب التي تزدحم بها ساحة العمل السياسي في بلادنا الحزينة.. ونقرر أنّه لا شأن لنا مطلقاً بهذا الحزب.. لا يهمنا أمره من بعيد أو قريب.. ولا نفرح إن تمددت عضويته حتى نافست عضوية الحزب الشيوعي الصيني.. كما أننا لا نحزن لو تبدد شمله وذهبت ريحه وتفكك «صامولة.. صامولة» كل ذلك لا يهمنا ولا يهز شعرة في رؤوسنا.. طالما ظل فيه العراك والقتال.. أو المحبة والتلاحم وشاهق الزمالة.. طالما ظل فيه كل ذلك بعيداً عن الدولة ومؤسساتها التي تدير شأن الوطن الذي نحن فيه شركاء ولنا فيه حق ونصيب رغم هتافات وصراخ الذين يزعمون أن هذه البلاد هم «أسيادها» وتشهد الإنقاذ وكل «الجلابة».. ولكن سيدي الرئيس أن هذا الحزب أيضاً تجتاحه فوضى عارمة لا يهمنا إن عصفت به ولكن يهمنا جداً.. أنها تمر أيضاً وعمداً على أعمدة بلادنا لتحدث فيها خراباً ودماراً وتشتيتاً.. لا نحدثك عن فوضى التصريحات تلك المنهمرة كوابل المطر المندفعة كالسيل الكاسح.. وهي تتناقض وتتصادم وتتباين في أمر واحد في حادث واحد في قضية واحدة.. وهل تريد أمثلة.. إذن بالله وبحق هذا الوطن راجع ذلك الضخ من التصريحات التي طفحت بها الصحف فقط أمس وأمس الأول.. لترى عجباً.. فريق يقسم بالله رافع السماء بلا عمد أن الاتفاق الإطاري الذي تمّ في أديس أبابا لن يمر إلا على جثثهم.. وفريق يقسم بالشعب والأيام الصعبة أن هذا الاتفاق هو طوق نجاة الوطن.. بل أكثر أماناً وإحكاماً من طوق نجاة «محجوب سراج» الذي طمأن قلبه بأن حب الحبيب سوف يصبح له «طوق نجاتو ونور حياتو».. إنّهم يتحدّثون ويصرّحون.. ويتعاركون في أمر يهم الوطن.. كل الوطن.. إنهم يتعاركون حول.. الحرب والسلام.. معسكر لا يهمه إن اشتعل سماء الوطن بالحجيم.. وفريق لا يرى بديلاً للإتفاق غير الحرب وقعقعة السلاح.. وهدير المدافع ودوي القنابل.. ونحن باقي الشعب فقط «فرّاجة».. وكأن هؤلاء قد اختطفوا الوطن بكامله.. وكأننا عمالة مقيمة بالوطن أو ضيوف في زيارة وتحت كفالتهم.. ثم دعنا نشكو لك مولانا أحمد إبراهيم الطاهر.. ذاك الرجل الذي يجلس على أعلى ربوة تشريعية في الوطن.. حيث يجب أن يلف الوقار والمهابة هذا الكرسي الذي يجلس عليه.. هذا الكرسي الذي يجعل من حديث كل من جلس عليه منذ فجر البرلمانات وحتى اليوم.. يجعل من كل كلمة.. أي حرف ينطق به رئيس المجلس التشريعي أن تكون في دقة الساعة السويسرية وأن تكون موزونة بميزان من الألماس.. نشكو لك تصريحه المتهور ذاك.. والذي يصادم تصريحك وفي نفس الشأن والموضوع.. يناهض بل يناطح توجهك الذي أعلنته وترتيبك الذي أشهرته عبر فضاء الدنيا.. وأنت تقول.. إنه وبعد التاسع من يوليو وبعد الانفصال.. سوف تكون هناك حكومة عريضة تضم كل أطياف الألوان السياسية.. ثم يخرج علينا مولانا الطّاهر.. وكأنه رئيس الجمهورية.. ليقول في كلمات كما النصال.. تذبح كل أمل للاتّفاق.. تبدد كل أمنية في التصالح.. تعصف بأي حرف من تصريحك.. يقول مولانا الطاهر.. لن تكون هناك حكومة قومية ومن أراد حكومة قومية عليه أن يخرج للشارع.. وأظنه لا يعلم أن الشارع قريب جداً للمواطنين بل إنهم في قلب الشارع ينظرون وينتظرون ويراقبون.. أظنه لا يعلم أن هذا الشارع قد خرج يوماً في أكتوبر ويوماً آخر في إبريل من غير دعوة من أحد.. سيدي الرئيس.. لا نطالبك باستعمال «أكلشيه» الأزهري «إلى من يهمهم الأمر سلام» ولكننا فقط نرجوك أن تحقق له أمنيته الريانة والتي صرح بها أخيراً وقوله إنّه يود أن «يرتاح».. بالله عليك دعه يرتاح.. لأننا نحن أيضاً سنرتاح ولك السلام.