هجرنا الجنوب الحبيب وناء بكلكل.. وأصابتنا عوارض الهجران والتجني.. فما عاد للسلوان من سبيل.. ودّعنا الأخوان بعد أن نقضوا عهد المودة.. وقطعوا حبائل الوصال.. فأصبحت «خريطة الوطن» رائدة الصريمة.. ومطية الشقاق.. لقد كان هجراً أوجبه الوشاه ، وعنت التاريخ.. وعهود مغموسة في اتفاقيات في ظاهرها الرحمة ومن قبلها العذاب..! وصائدو الفرائس يترقبون أن يند الصيد عن القطيع.. وعندها سيعرفون أن مثل هؤلاء.. لا يصفون لصديق.. ولا يصح لهم إخاء.. ولا يثبت لهم عهد ولا تطول لهم محبة.. «فإن من أحبك لأمر ولى مع انقضائه».. وحينها يبيعك بأبخس الأثمان بعد أن يتلف مهجتك.. ويستأثر بأغلى ما عندك.. وحينها لا يمكن أن تعدد خساراتك..!! ولا مدى ضيق المناديح الرحبة.. فلا يجدي وقتها الإذعان للود.. ولا الرجوع من الباب الموصد بعد أن علاه الصدأ..! حتماً سنقول مبارك المولود.. عساه يشب بعيداً عن «السوبر ناني» الأجنبية واليهودية.. ولن نمنع تجسير الطرق.. وشفعة الجار.. ومد اليد لعهود حقيقية.. «لأننا فعلاً شركاء ومصالحنا مشتركة».. وإذا نظرنا بعين الحكمة فلا يجب أن نرتمض.. والظلال تعد بالفيء.. لقد كان الشمال لا يملك للانصراف بُداً.. وكاد يموت أسفاً.. ولا يلجأ سوى إلى الزفير والوجوم.. إنه قانون الفراق.. فالذي يرضاه لا يأسف عليه.. لا بل يسعى لاستبدال الوليف عله يضمد بعضاً من جراحاته..! والذي فرض عليه.. سيظل يلعق حشاشته المكلومة.. ويداوي قلبه المنفطر.. وإن ذاك لمن المواقف التي تفتضح فيها كل عزيمة ماضي العزائم.. وتذهب قوة كل ذي بصيرة.. وتسكب كل عين جمود..! أذعّنا للفراق.. وباركنا انقسام جزء عزيز.. وارتضينا فراق الأحباب.. بعيداً عن السياسة وحرب السلطة ونقض العهود.. لكننا لن نرضى بأن ينقلب الأخ ألد الأعداء.. ويشحذ القوى.. لهتك الأستار.. وضرب المصالح.. عندها فقط سينجذم العلاج.. واليد التي باركت ستحمل السلاح.. وستقاتل بكل ألم الفراق.. والاستعداء والظلم! زاوية أخيرة: قال حكيم: لم أرَ ظلماً مثل ظلمٍ ينالنا يُساء إلينا ثم نؤمر بالشكرِ..!