كل الذين درسوا المرحلة الأولية القديمة.. أو درسوا جانباً من المرحلة الابتدائية في أعقاب أو تغيير للسلم التعليمي الأول بداية سبعينيات القرن الماضي.. يذكرون قصة في كتاب (المطالعة الأولية) تحول لاحقاً إلى (المطالعة الابتدائية)، ذكرنا من قبل أنها تمثل النواة الأولى لعلم المنطق بالنسبة لأطفال وتلاميذ ذلك الزمان، وهي قصة مسعود ذبح الخروف، التي تبدأ بجمل مفيدة ثم تأتي بعدها أسئلة تستوجب إجابات منطقية وواقعية، مثل: (أبوك موجود؟)، الإجابة قطعاً ستكون (نعم)، وتجيء جملة أخرى مفيدة تقول: (الدود فوق العود)، وجملة بعدها تقول: (مسعود ذبح الخروف)، لتأتي أسئلة على شاكلة: (مسعود فوق العود؟)، أو (هل ذبح الخروف مسعود؟)، أو (هل الجمل يطير؟). قصة «مسعود» تلك كانت من أحب القصص إلينا، لأنها ذاخرة بالخيال وتدفع للمنافسة عند اختيار الإجابات الصحيحة لتلاميذ لا يتعدى عمر أكبرهم التسع سنوات. الآن قصة زميلنا «مسعود» أضحت القصة المفضلة لدى الكثيرين من القراء والقارئات حتى أنه اتصل عليّ يوم أمس هاتفياً وقال لي: (يا أخي خليت قصتي زي قصة مسعود ذبح الخروف)، ثم ضحك وقال إنه يتابع ردود الأفعال، مضيفاً أنه يثق في أنني لن أكشف عن شخصيته أو أميط اللثام عنه قبل أن يتم (الموضوع).. والموضوع معروف هو نيته في الزواج الثاني. صديق عزيز من خارج الوسط الصحفي قال لي: (يا أخي شغلت الناس بي «حجر» و«شجر» و«مسعود»، لكنك نشرت كلاماً يستحق الناس تقيف عندو، وهو إنو صفات الرجل الحميدة لن تكون كذلك إذا اتصفت بها المرأة مثل الشجاعة والكرم وغيرها)، قلت لذلك الصديق العزيز إنني لا زلت عند ذلك الرأي، إذ من المفترض في الرجل أنه إذا تكلم أسمع، وصوت المرأة عورة، وإذا ضرب أوجع، وضرب المرأة ليس كذلك، والرجل إذا مشى أسرع والشعراء وعموم الناس يريدون المرأة (الرايقة) التي تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل، أو كما قال الأعشى في معلقته التي تبدأ ب(ودع هريرة إن الركب مرتحل.. وهل تطيق وداعاً أيها الرجل).. ليقول بعد ذلك واصفاً معشوقته هريرة وهي بالمناسبة تعني القطة الصغيرة: (غراء فرعاء مصقول عوارضها.. تمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوحل). أما صديقنا العزيز الأستاذ ناجي علي بشير من المكتب الصحفي برئاسة الجمهورية والذي لم يطلب إليّ أن أحجب اسمه، فقد قال: (والله كل الرجال السودانيين «مسعود»، وأي واحد نفسو يكون زيو لكن أكثرهم خايفين)، وتحدثنا حول الأمر كثيراً لكنني تذكرت مقولة سادت ثم بادت كان السودانيون يتداولونها سراً وجهراً تقول: (كل راجل في نفسو عرسة، وكل مرة في نفسها طلقة).. حقيقة فهمت الجملة الأولى المرتبطة بالرجل.. لكنني لم أتمكن حتى الآن من فك طلاسم ومفردات الجزء الثاني من الجملة.. غير المفيدة!