العيون والأسماع تتابع الرجل الثاني في حزب المؤتمر الوطني ومساعد السيد رئيس الجمهورية من خلال اللقاءات الساخنة والمؤتمرات والندوات في الداخل والخارج، فهو مع الاعتراف بحق الآخرين وحريتهم فيما يعتقدون ويقولون، إلا أنه معتبراً متمسكاً برأيه، إستنتاجاته وأحكامه تجر إليه أحياناً المتاعب، له المقدرة على الإقناع لكنه صعب الإقتناع دون تمحيص أو تمعن، تتغلب عليه الصفة الأمنية أحياناً أكثر من السياسية، فللأولى أبعاد وحسابات ومسافات تختلف في جوهرها ومخرجاتها عن تلك التي للسياسة. لم يعرف عن الرجل الأنحناء السريع للعواصف مهما كانت قوتها وسرعة اندفاعها ما لم يحسب خطواته إلى أين تقود، وصفاً هو من صقور المؤتمر الوطني حسب التصنيف إن لم يكن صقرها المحلق الوحيد الآن، الانتقاد له أحياناً من أقرب خلصائه يتساوى مع انتقاد ألد خصومه السياسيين وهو بعمامته المعروفة وضعاً، إذا تغير يعلم الحاضرون أن ما يتبع ذلك من قول أو فعل له ما بعده، هو حجاج المؤتمر الوطني رغم اختلاف الرجل عن الحجاج صاحب الاسم في خصاله وسماحته، وهو رقيق الحال والكلام معاً في موضع الندى. تابع الجميع عبر فضائية النيل الأزرق الحوار الممتع القصير والواضح والصريح مع د. نافع في سياسة دبلوماسية ناشفة، ولكنها جاذبة مستساغة عبر برنامج (حتى تكتمل الصورة) الذي وضع فيه نافع النقاط على الحروف في مسائل عديدة أهمها اتجاهات الريح السياسية الداخلية للدولة وسياسة الحزب الحاكم في محيطه الداخلي ومع الأحزاب الأخرى، والإفادات الذكية التي تفضل بها مزيجاً الستار والغبار معاً من على المقاعد والمسرح حتى تكتمل الصورة في ذهنية المواطن الحيران. لابد من الإشارة إلى ما اتسمت به تلك الإفادات من صراحة ووضوح وعدم التسويف السياسي لفظاً أو دلالة أو معنى، لقد داخلت هذه الإفادات لغة جديدة لم يألفها المجتمع السياسي أو الرأي العام من دكتور نافع المساعد أو النائب، تلك كانت لغة الاعتراف بأخطاء أو تجاوزات ما، أثرت على الرؤية السياسية وألقت بظلالها على العمل، ثم الاعتذار الواضح وليس المبطن، وهي دلالة على تخطي المؤتمر الوطني لسياسة المحنيات والتقاطعات الموحلة أو الملغمة التي يجيد نصبها للخصوم، وبلغة أكثر صراحة التحويلات الجانبية في مسار قطار الحزب الحاكم والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى تجنب أو زحلقة الخصوم من القطار، لم تعد ذات أهمية أو داعٍ، فالقطار أمامه محطات يجب أن يقف عليها كلها أو جلها، والرجل بالوصف الوظيفي لمهامه في هذا القطار يمكنه أن يفعل الكثير. إن الاعتراف والاعتذار صفة لازمة للشجعان، وهم لعمري في ساستنا قليلون في زمان التيه هذا، فليس في أدبهم الاعتذار وكذلك ليس في أدبهم الاستقالة، دكتور نافع بصراحته المعهودة و(دوغريته) واعتداده بنفسه ورأيه، أعطى درساً بليغاً في معنى الرجوع للجماعة والاعتراف بحق الآخرين، وهذه شجاعة نتمنى (لو كان التمني بينفع كل حبيب)، أن تكون صفة قادتنا لمجابهة الفشل في أنفسهم وأعمالهم، ثم الاعتراف والاعتذار لهذا الشعب، ترى كم هم المدينون لهذا الشعب بالاعتراف والاعتذار من الوزراء والمديرين والأمراء والنواب ومن ساستنا القدامى؟.. ببساطة إنهم كثيرون في كل المواقع والمنافذ براً وبحراً وجواً. شكراً د. نافع على هذا الدرس، ومرحباً بالشفافية في بداية الجمهورية الثانية. üفريق ركن