بكل أسف قد ازدادت حدة الخلافات بين الفصائل الاتحادية وامتلأت بها أخبار الصحف، وقطعاً فإن مثل هذه الصراعات والخلافات تزداد معها شماتة الأعداء رغم أني أنبه الجميع وأقول بأن هذه الصراعات محصورة بين القيادات والمتواجدين بالعاصمة الخرطوم، أما بقية أفراد القبيلة الاتحادية فهم أبرياء من هذه الصراعات وخاصة في الأقاليم والولايات، وفي الأيام الفائتة طفحت على السطح خلافات مجموعة الشريف زين العابدين الهندي أو ما يسمى الحزب المسجل وظهر الخلاف بين جلال الدقير والصديق الهندي وكل واحد منهما يتهم الآخر بعدم الشرعية، وفي اعتقادي أن الجميع لا شرعية لهم، إلا إذا اجتمعت صفوفهما وتقدموشا للقاعدة في مؤتمر عام لتختار من تشاء، وفي جانب آخر فقد حزنت كثيراً لما يدور في محلية الخرطوم من خلافات، وأيضاً بين قيادات والقاعدة بريئة من الذي يحدث- وصراعات المحلية أعلم الكثير عنها وعلى علاقة بكل أفرادها وكنت أنوي التدخل، وقد تمت دعوتي لحضور بعض الاجتماعات ولكن لظروف مرضية لم أتمكن من الحضور وقد حزنت للتطورات التي حدثت وكل فئة لا تقبل الانصياع للأخرى ونشرنا غسيلنا إلى الأعداء وأظنهم قد ظلوا يفرحون بمشاكل القيادات الاتحادية وهي مشاكل لا توجد لها أسباب تستحق هذه المواقف، حب القيادة عند من لا يستحقون قيادة روضة أطفال كما سلف لي القول بهذا الرأي عدة مرات، والآن أجد نفسي في موقف المحايد وأناشد الجميع بالتحلي بروح التسامح والوفاق، لأن ما يحدث من صراعات في صفوف القيادات الاتحادية أمر خطير ويتضرر منه الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي نشأ وترعرع حتى أصبح عملاقاً وناضل وكافح من أجل حرية أهل السودان حتى تحقق استقلاله ورفع علمه عالياً خفاقاً على يد الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري. إن الفصائل والمسميات التي تعددت تحمل اسم الحزب الاتحادي فإني استطيع أن أسميها بالقبيلة الاتحادية الواحدة، والتي حدث لها التوحد في عام 1953م، حيث اجتمعت كل الأحزاب الاتحادية في جمهورية مصر العربية وسميت بالحزب الوطني الاتحادي، ثم انشق إلى الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي، وفي عام 1967م تم توحد الوطني الاتحادي وحزب الشعب في حزب واحد هو الحزب الاتحادي الديمقراطي تحت عباءة ورعاية مولانا السيد علي الميرغني، ورئاسة السيد إسماعيل الأزهري، وقد أيّد هذا التلاحم وهذه الوحدة الزعيم إسماعيل الأزهري وقال مقولته المشهورة (إن الوطني الاتحادي وحزب الشعب قد قبرا).. والتف حول سارية الاتحادي الديمقراطي كوكبة من القيادات القوية، وصنعت للسودان مجداً وتاريخاً وكانت هناك قيادات لم تلد حواء السودان أمثالهم حتى الآن كمبارك زروق وحسين الهندي والمرضي ومحمد نور الدين وأبو حسبو وعلي عبد الرحمن وحسن عوض الله.. كانوا مثالاً للأمانة والصدق وماتوا وهم فقراء لا يملكون عمارات ولا شركات، وأسسوا في السودان خدمة مدنية بمستوى من النزاهة والنقاء ونكران الذات، إنه تاريخ القبيلة الاتحادية الأصيلة والتي صنعت للسودان مجداً لم يشاركهم فيه أحد، وتأتي الحكومات العسكرية والشمولية وتعمل على زعزعة هذا النسيج الوطني وتزرع بين صفوفها سياسة فرّق تسد، ليصبح الحزب الاتحادي الديمقراطي عدة مسميات وفصائل، وتم لهم ما أرادوا لأنهم وجدوا فئة من أصحاب المصالح يستجيبون لهم، دون مراعاة لمصلحة الوطن والذي يضع شعبه الأمل والرجاء في الحزب الاتحادي الديمقراطي ويتركون أعداء الوطن والديمقراطية يسرحون ويمرحون ويزيدون النار اشتعالاً بين الفصائل الاتحادية لمزيد من الخلافات والصراعات، ولذلك فإني أقول بكل صراحة إن ما يفعله الاتحاديون في أنفسهم يعتبر جريمة في حق هذا الوطن وعليهم أن يلتفوا على كلمة سواء، وأن تتوحد صفوفهم.. وما بين الدقير والهندي يجب أن يزول وينتهي.. ونصيحتي لجلال الدقير أن يعلم بأن تحالفه مع المؤتمر الوطني لن يدوم له، ومن الأفضل له أن يعود إلى قبيلته الاتحادية.. وقد سعدت كثيراً بأن مؤتمر الصديق الهندي قد كان حضوراً فيه التوم هجو القيادي الاتحادي بالأصل، وعصام أبو حسبو القيادي بالموحد، وأعتقد أن هذا يعتبر تقارباً لابد أن يتوسع وينضم له مولانا شيخ عبد الله، وكذلك كل الفصائل والمسميات الأخرى.. وأكرر أنها لقيادات بدون قواعد، أما الأشقاء في محلية الخرطوم وفي الاتحادي الأصل ورغم ما ذكرته عن موقفي المحايد.. ولكني لا أرضى الاستعجال الذي حدث بتجميد أو حل لجنة لقيادات لها قدرها ومكانتها وإخلاصها أمثال الأخ محمد عثمان الحسن والبرعي وأحمد عبد الله وجماع، فالمشكلة قد كانت صغيرة وحول رجل واحد هو الأخ كمال ناصر وما كنت أرجو أن تصل هذه القضية لهذا المستوى الذي شوه صورة هذا الحزب العملاق ولا زلت أتوقع من الأستاذ تاج السر محمد صالح مع احترامي إلى لجنته الجديدة، أن يتعامل بالحكمة وسعة الصدر وهي صفات أتوسمها فيه وآمل ألا ينتصر لنفسه، وما يحدث بين أهل القبيلة الاتحادية عامة فإنه أمر خطير ويتضرر منه السودان الكبير وإن شعبه ينتظر أن يتوحد الحزب الاتحادي الديمقراطي ليعود لسابق عهده وزمانه.. وأن الأيام المقبلة فهي تنتظره.. لأن الزبد سيذهب جفاء.