عقب توقيع إتفاقية السلام الشامل بين حكومة جمهورية السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبى لتحرير السودان، وهذا هو الاسم المعتمد لهذه الإتفاقية الموقعة فى التاسع من يناير عام 2005م، تشكلت لجنة إعلامية مشتركة بين الحكومة والحركة الشعبية للقيام بحملة إعلامية للترويج لإتفاقية السلام وتعزيز روح الوحدة والمصالحة والتفاهم المشترك، وجاء تكوين هذه اللجنة Joint media committee( JMC ) بناء على نص الإتفاقية فى المادة 10/ 4 والمقروءة : « دون الإخلال بحرية الصحافة والإعلام، يوافق الطرفان على تشكيل لجنة إعلامية مشتركة عند التوقيع على إتفاقية السلام الشامل لوضع مباديء عامة للإعلام والصحافة سعياً الى تعزيز بيئة تشجع على التنفيذ السلمي لوقف إطلاق النار» . كما استند تشكيل اللجنة على البند 27 من ترتيبات التنفيذ لاقتسام السلطة، والتى تدعو الى إعداد وتنظيم حملة إعلامية بكل اللغات لكسب التأييد الشعبي للإتفاقية وتعزيز الوحدة والوطنية والمصالحة والفهم المتبادل. كان لي شرف عضوية هذه اللجنة للجانب الحكومي، والذي كان برئاسة الدكتور أمين حسن عمر، بالإضافة الى عضوية السفير محمد آدم إسماعيل والأستاذ عبد المحمود الكرنكي. وكان جانب الحركة الشعبية برئاسة الدكتور سامسون كواجي وعضوية الأستاذ ياسر عرمان وجورج قرنق وعضو آخر. اجتمعت هذه اللجنة فى مدينة كارن الكينية لقرابة الأسبوع، وكان التفاهم والاحترام وتحمل المسؤولية هو الطابع المميز لاجتماعات اللجنة، إذ قدم الطرفان رؤاهما وبرنامجهما، ولم تكن البرامج التي قدمها الطرفان موضوعاً لأي خلاف، وكانت فرصة لنا فى للتعرف على الإخوة في الحركة الشعبية، وكان لوجود الدكتور أمين حسن عمر رئيساً للجانب الحكومي، أهميته في تعزيز الثقة بين الطرفين، وذلك لعضويته في المفاوضات الرئيسية التي استمرت لشهور عدة زادت من عوامل التلاقي بين أعضاء الحكومة والحركة، وكذلك وجود ياسر عرمان فى جانب وفد الحركة. خططت هذه اللجنة للحملة الإعلامية وللعمل الواجب عليها القيام به، وكانت خطة شاملة وبمواقيتها ووسائل تنفيذها وعائدها المتوقع ومرونتها التي تمكن من التعديل فيها وإجراء التقويم المستمر لعناصرها، كان الإتفاق البدء الفوري في تنفيذ الحملة الإعلامية بعد اعتمادها من الجهات المختصة بتنفيذ إتفاقية السلام الشامل، كما تم الإتفاق على وضع برنامج لاجتماعات اللجنة داخل البلاد بالتبادل بين الخرطوم وجوبا، ولأن الجسر يسمح بمرور مياه كثيرة من تحته، فلم تجتمع هذه اللجنة إلا مرة واحدة فى الخرطوم خلال عامين وذهب بعض أعضاء اللجنة جانب الحركة الشعبية، الى مواقع وزارية.. وأعيد تشكيل اللجنة أكثر من مرة في جانب تشكيلها ولم ينفذ من الحملة الإعلامية التى خططت لها اللجنة إلا اليسير من بنودها، ولم تجد هذه اللجنة الرعاية والإهتمام فى أجندة اللجان التنفيذية للإتفاقية. وجاء اليوم الموعود بجرد حسابات تنفيذ الإتفاقية في جوانبها المتعددة، وبدأ التلاوم حول التقصير في جعل الوحدة جاذبة، والإعلام يؤدي هنا دوراً مركزياً فطن له الخبراء عند وضع نصوص الإتفاقية، إلا أنه وكما هو معتاد في التعامل مع قضايا البلاد.. يكون الإعلام والإهتمام به دائماً في ذيل الأولويات الحكومية، لا يهتم به ولا يصرف عليه، ويطلب منه من بعد ذلك أن يؤدي أزيد مما هو قادر عليه. ونعود ثانية ونطلب من الإعلام وخلال ستة أشهر فقط، أن يعزز الوحدة ويبغض الانفصال، فهل تمول خطط وزارة الإعلام التى اجتهدت في إعدادها ليتم وضعها في سلم أولويات الصرف والتمويل.