- انطوت صفحة الجنوب الدولة من صفحة الوطن بما له وما عليه ليكون للسودان معه شأن آخر تحكمه قواسم دولية محددة واضحة المعالم، وتتجاذبها معاً قواسم مشتركة الفكاك منها لا يتم إلا ببزوغ الشمس من الغرب، لقد استشرف السودان الدولة عهداً جديداً احتمالاته وتوقعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية قوة وضعفاً رهينة بخلق إجماع وطني كبير يتخطى الجراحات بكل أنواعها ومسبباتها ونتائجها إجماعاً يعيد تشكيل الخارطة السياسية وتطويقها بالهم الوطني الذي افتقدناه كثيراً في خضم الصراع على السلطة حتى غدت العلاقة بين الراعي والرعية أيا كان له لونه الحزبي علاقة ناخب ومنتخب (رتبة وقتية)، ثم يذهب زبد الحملات الانتخابية جفاء. - أعجبني مقال تحليلي بصحيفة ألوان الغراء بتاريخ 13/7/2011 بعنوان الجمهورية الثانية- الإنقاذ في مواجهة ذاتها- وحفّ المقال على جانبي الصفحة بيان الإنقاذ الأول وبيان الجمهورية الثانية الأول على قاطبة الشعب، والثاني على ممثلي الشعب، البون شاسع بينهما لاختلاف التوقيت والحال والواقع المحيط بالدولة والأحداث، التقارب بينهما واضح ومستساغ في المضامين والأهداف والغايات، فلا زالت هي هي كما في البيان الأول والثاني.. وإن تغشت الآمال والطموحات طل التحقيق على الواقع والأمل في انهمار وابل الغيث معقود ونواصيه كثيرة ومتعددة، الرابط بينهما أيضاً أن البيئة الإقليمية والدولية هي ذاتها عينها في أهدافها وغاياتها وإن تغيرت وسائلها في مواجهة السودان وفق متغيرات نظام الحكم فيه وتوجهاته الدبلوماسية والاقتصادية، كما أن الجوار الأفريقي العربي طرأت عليه متغيرات ومؤثرات أثرت كثيراً في نهج الدبلوماسية السودانية، وبرزت في الآفاق الاقتصادية التحالفات والشراكات التي كان لها ما بعدها. - بين الخطاب والبيان قواسم مشتركة أيضاً من الصعب أو العسير تجاهلها أو الفصل بينهما رغم مسيرة الاثنين وعشرين عاماً، وسأتناولها بالإشارة فقط دون الدخول في تفصيلاتها، لأنها واضحة للعيان وهي لا زالت طموحات ومتطلبات الجمهورية الثانية. - السلام مطلب حيوي لاستمرار كيان الدولة وتماسكه وقد تحقق جزء منه رغم ما فيه وتبقى تكملة المسيرة لغاياتها وتجنيب الوطن مخاطر التمزق المحدق به- الاستقرار السياسي كدعامة رئيسية للتقدم والاستقرار وتحقيق التعايش السلمي في الداخل بين مكونات المجتمع الخارجي مع البيئة المحيطة إقليمياً ودولياً. - المسألة الاقتصادية رغم جهود الدولة وعلى عدة محاور لتخفيف العبء وتحقيق بعض الرفاهية، كانت ولازالت هي الهاجس والهم الذي بانفراج أمره تتواصل التنمية وتنطلق، مع الوضع في الاعتبار الإجراءات التقشفية المفروضة التي تعين في هذا الاتجاه من تخفيض أو تحديد للصرف البذخي والعشوائي لموارد وأموال الدولة، وينبغي أن يكون للبنك المركزي دور رائد في تحقيق التنمية الاقتصادية بوضع سياسات أقل ما فيها أن تخفف المعاناة. - مسألة الفساد الإداري والمالي والجهود الكبيرة المطلوبة من الدولة لضبط مؤسسات الدولة والممارسات التي أدت إلى تدهور هذه المؤسسات ولا زالت الدولة في حاجة لإعمال القوانين الرادعة واللوائح التي تضبط كل أنواع الفساد، وذلك بشفافية عالية. - التوافق الوطني كان ولا يزال العقبة التي تحول المتغيرات السياسية دون تحقيقه بالمستوى المطلوب، وعليه فالرؤية الإستراتيجية الجامعة كانت ولا زالت هي الوسيلة الناجحة والناجعة لتحقيق هذا التوافق. - الأمن بوحداته وأنواعه المختلفة في البداية والنهاية هو ما يحفظ انسياب كل هذه المجاميع في بوتقة الوطن، فهو قديم والآن، ومستقبلاً الماء الذي يجب أن لا ينقطع سريانه ليحفظ هذا الوطن. إذن ما بين البيان والخطاب أمور يعيد فيها التاريخ نفسه، الآمال والطموحات ما تم تنفيذه وما هو آت، الإنقاذ فعلاً في مواجهة ذاتها تحتاج لإعادة استقراء البيان الأول والتمعن فيه وإعادة استنباط ما بين سطوره للولوج إلى الجمهورية الثانية التي ننشدها جميعاً.