الأستاذ مؤمن الغالي قد يتفق معي جمهور غفير من القراء أنه محارب يحمل قلماً كالسيف، يتقدم الصفوف ويتحمل تبعات ما يرمي به، لم يتراجع يوماً الى الوراء، جريء في تناوله، صارمٌ في ثباته، متيقظٌ في ملاقاته، حاضر في أدبياته، وهو أيضاً وفوق كل ذلك أمين، صادق في إعطاء كل ذي حق حقه، هكذا تكون الصحافة والصحفي.. أن تعكس الوجه الآخر للقابضين على زمام الأمر، أن تعطي المسؤول النصائح وتساعده بالرأي الجريء الصحيح الصريح دون نفاق، دون طلب زلفي، حتى لا يخدع هو نفسه وتبدو له الأحوال كلها على خير، تلك هي رسالة الصحافة ومهمة الصحفي أن لا يجامل حتى لا يستر الإعوجاج فتغيب الحقائق وتضيع المؤسسية من بين يدي المسؤول.. لأنه لا يدري وهو مخدوع، وكيف له أن يدري والجميع من حوله يزيفون له الحقائق، ويظهرون له الوضع كله وكأنه مائة بالمائة وبالتالي تكون الوزارة وحقوق الجمهور في مهب الريح. الأخ الأستاذ مؤمن الغالي.. كم أنت أمين، كم أنت شجاع، كم أنت محارب جسور.. كلماتك أحرفك تنساب كحبات المسبحة لا تنفصم، لا تسقط بانقطاع خيط واهٍ، بل تبقى بين يدي عابد يريد أن يصل الى رضا الله، نعم دوماً يكون حديثك تجاه الهم العام له نكهته، وتبدو أمام القاريء منعته، وفي المقابل يرتجف أمامها من هم بلا قلب ولا إيمان ولا يقفون عندها كثيراً لأنها تنطلق بسرعة.. بجرأة لا تتوقف عند المحطات الصغيرة، ولا يستطيع رؤيتها عديمو البصر والبصيرة، تسعى حروفك سعياً لبلوغ هدفها ووصول مرامها، فقط يقف عندها من يعرفون ويستدركون ويريدون أن يقولوا مثل الذي نقول ولكنهم لا يستطيعون، وها أنت قد عبرت عنهم.. قد قمت مقامهم، وأوصلت الرسالة.. رسالتك كصحفي، رسالتك كعابد متبتل يريد أن يقتدى به الكثيرون ليسلكوا الطريق المستقيم رغم وعورته وطول قمته. أقول في خاتمة كلمتي القصيرة.. الصغيرة.. الخجولة.. أمام إنسان مثلك.. إنك قد قدمت نفسك كمحارب صلب لا يخشى لومة لائم.. وتلك هي أمانة المسؤولية وقوة الإيمان وعدم الخوف إلا من الله العلي القدير. وفقك الله وسدد خطاك.. وأوصل مرماك.. وسر وعين الله ترعاك. الأمين أحمد شمبول من المحرر: الأخ الأمين أحمد شمبول.. لك خالص.. وعاطر التحايا.. وشكر وعرفان بعرض وطن.. بعمق نبل شعب.. وأنت تخجلني.. بل ترمي بي مكتوف اليدين لأعوم في بحور عرقي.. مالك عليّ يا رجل فقد أخجلت تواضعي.. صدقني.. إني لا استحق حرفاً واحداً من هذا الإحتفاء.. ولا شولة واحدة من هذه الإشادة.. لا تظن أني أتيت بما لا تستطعه الأوائل.. أنا أحد غمار وأفراد هذه الأمة العظيمة.. اذا كنت ترى.. أن الكتابة بحد السيف.. والطرق على مطالب وآمال وأحلام الشعب.. والنحت.. بل الحفر على الصخر بأطراف أسنة وخناجر.. اذا كنت ترى ذلك.. إذن ماذا تقول.. في فرسان وشجعان.. وهبوا حتى دماءهم وحياتهم.. فداء للأمة.. أرجو أن تراجع.. تضحيات.. وجسارة و«رجالة» المسبحة الماسية.. التي قدمت.. وما بخلت لهذا الوطن.. شواهق.. اللوحات.. عندها ستتأكد.. وتتيقن.. أني سأبدو بجانبها.. أصغر من سمسمة. شكراً أخي.. ودعني أقول لك وللقراء.. إنها المرة الأولى.. طيلة حياتي.. تلك التي أسمح لكلمات إشادة بي ترى النور في مساحتي.. وهي تأتي من مواطن.. لم أتشرف بمعرفته أبداً.. ولم التق به مطلقاً.. ثم دعني أطمئنك.. أني.. وفي سبيل شعبي ووطني.. لا أملك غير أن أردد أبداً.. أن أردد أن السجن خلوة والنفي سياحة.. أما الموت فأنا لا يهمني على أي جنب يكون في السودان الموحد مصرعي.. لك ودي.. مؤمن