معرفتي بزواج المُتعة المعروف لدى الطائفة الشيعية، أنه زواج مؤقت، تقبل فيه المرأة العيش مع الرجل زوجة له لفترة ينص عليها عقد الزواج بينهما، وذلك مقابل (المهر).. وهو غير الزيجات الأخرى التي بدأنا نسمع بها، مثل الزواج العُرفي، وهو زواج خارج الإطار الرسمي إذ اشهد عليه آخرون، وخارج الإطار الشرعي إن بقي زواجاً سرياً غير مُعلن.. وهناك زيجات رسمية وشرعية لكنّها لا تأخذ صورة الزواج الكاملة التي تعني العيش تحت سقف واحد وتكوين أسرة مستقرة يعيش فيها الزوج مع زوجته وأبنائه إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. ومثال لذلك زواج (المسيار). بالأمس تجولت حول العالم من خلال شبكة الانترنت، وتوقفت في مدينة كولونيا بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي يعرض فيها الآن فيلم تسجيلي ألماني مدته أربع وثمانون دقيقة، ويتم تقديمه من خلال شاشات خمس وثلاثين دار سينما محلية. الفيلم يحمل اسم «في بازار الجنسين» وهو مثلما أشرنا من قبل فيلم تسجيلي ألماني إلا أن مخرجته «سودابة مورتيزاي» نمساوية من جذور إيرانية، وهي ترفض التعليق على أحداث الفيلم الذي يحاول إحراج رجال الدين من خلال تلك الأحداث والوقائع، وتقول إنّها تترك أبطال القصة يتحدّثون عن زواج المُتعة في مواقف متعددة منها وقوف الزوجين أمام أحد مكاتب الزواج لعقد زواج جديد لمدة عام، ويتم خلال ذلك توعية الزوج بأن من حقه حسب المذهب الشيعي الزواج أربع مرات عادية وإبرام أي عدد يريده من زيجات المُتعة طالما امتلك ما يكفي من المال الذي يعول به زوجاته. من طرائف الفيلم الواردة أن عالم دين شيعي كبير في الفيلم اشتكى من أن الإيرانيات مصابات بالغيرة المرضية الأمر الذي يجعلهن يستكثرن على الرجل الزواج من أربع نساء حسبما يسمح به الشرع. قضية زواج المتعة كبيرة وخطيرة، ونحمد الله كثيراً أن مجتمعاتنا السنة لا تعرفها ولا تقرها بل ويتم تحريم مثل هذا الزواج تحريماً شديداً لأن الهدف منه يتعارض مع الهدف الأسمى للزواج والذي هو الاستقرار وتكوين الأسرة. لكن الذي استوقفني وأنا أتابع ردود أفعال عرض هذا الفلم هو إشارة رجل الدين الشيعي الكبير في الفيلم إلى غيرة المرأة الإيرانية التي وصفها بالمرضية، والحقيقة الواضحة التي لا تخفى على أحد تقول بأن المرأة عموماً تغار كثيراً بصرف النظر عما إذا كانت إيرانية أو روسية أو أمريكية أو عربية أو أفريقية، فالإنسان إنسان، والبشر بشر والرجال رجال والنساء نساء حتى وإن اختلفت الألوان وتنافرت اللغات، ولا أحسب أن تقبل امرأة ما مهما كانت درجة تدينها وحبها لزوجها وقدرتها على التضحية، لا أحسب أن تقبل ب(ضرة) مهما كانت الدوافع أو المبررات للزيجة الثانية. أذكر بهذه المناسبة أن صديقاً حكى لي قصة جده الذي لم ينجب من زوجته الأولى، فأصرت عليه أن يتزوج ثانية، بل ومشت لأبعد من ذلك بأن آلت على نفسها أن تختار هي الزوجة الثانية، ورضخ الزوج لمطالب زوجته الأولى (العاقلة) تحت إصرارها الشديد. ولم يصدق الكثيرون أن تكون هناك امرأة بتلك الشجاعة وذلك النبل وأن تتحمل تضحية عظيمة تجيء بامرأة أخرى إلى منزل زوجها، خاصة عندما شاهدوها تسعى وحدها تارة ومع زوجها تارات لإكمال نواقص الزواج إلى أن جاء اليوم الموعود. كان احتفال الزواج عظيماً لمكانة الرجل، لكن الزوجة الأولى غابت عنه. وقبل إسدال الستار على ذلك اليوم، فوجئ الحضور بالزوجة الأولى تقتحم المنزل الذي يشهد الاحتفال وتدخل مباشرة نحو الصالة التي ترقص فيها الزوجة الثانية التي اختارتها هي بنفسها لزوجها، وتصرخ عدة صرخات هيستيرية، وتهجم على (العروس الجديدة) وتحاول تمزيق ملابسها وشدها من شعرها وضربها في كل مكان تقع عليه يدها.. لكن العقلاء تدخلوا، وأبعدوا (جالون البنزين) عن النّار.. وخرج الزوج وفي معيته الزوجة الثانية.. ولم يلتفت إلى الوراء.. أبداً.