منذ سنوات بعيدة غنت الشحرورة اللبنانية صباح ، تغديني جبنه وزيتوني وتعشيني بطاطا ، وفي تلك الأيام ، كانت هذه الإغنية التي ترفع شعار البساطة يا عيني ع البساطة ، من الإغنيات الرائجة لدى المحبين والعشاق وأصحابنا أهل الهوي ، ومنذ تلك السنوات عبرت مياه كثيرة تحت جسور الحياة الإجتماعية في الوطن ، ولم يعد هناك شيء يسمى البساطة وعلى قدر لحافك ( مد رجليك ) ، هذه الشعارات أصبحت منتهية الصلاحية ، وصدقوني لو أن عبده الرومانسي قال لحبيبة قلبه ( اغديك الليله ترمس وأعشيك كسره ) فإن البنت سوف تهفه بونية من العيار الثقيل ، تجيب خبره وربما تكسر ذراعه أو نافوخه ولا يمكن لإي بصير ان يعالج صاحبنا العاشق ، على فكرة ، الحكومة الموقرة حماها الله زخرا للوطن والمواطن ، وتقبل منها الصيام والقيام في شهر رمضان، دعت الناس الى التقشق ، وهي بذلك أحيت هذه الأغنية من تلافيف الذاكرة الجمعية للشعوب العربية من الأزرق الى الأزرق ، وحتى تكتمل الناقصة ونصبح سادة لنا هيبة في التقشف والذي منه ، ادعو الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون وبالمناسة لا اعرف من يقود هذه الهيئة ، أدعوها بكل صدق وشفافية أن تبحث عن هذه الأغنية في المكتبة القديمة المتهالكة للإذاعة القومية ،أو في دهاليز التلفزيون القومي التعيس ، الذي لم يعد قوميا ، وان يضع أصحابنا المتحكمين في بث البرامج خطة لبث هذه الأغنية وجعلها شعارا للسودان خلال هذه المرحلة ( التقشفية ) من عمر الوطن ، فربما بواسطة هذه الأغنية نتمكن من إحتلال مقعدا متميزا في المنظمات الدولية ، لأننا أصبحنا من عتاة المتقشفين في الأرض الخراب ، على غرار المعذوبون في الأرض ، وكله عذاب في عذاب ، وعذابي معاك بريدك قبل ما اعرفك ، بالمناسبة حينما سمع صاحبي الخبيث وأبو لسان أطول من لساني الزفر واللهم إني صائم ، بحكاية منحة الغلاء ، قال الرجل، اقصد صاحبي أنها بمثابة محنة الغلاء ، الله يقطع شيطانك يا صاحبي وأنا صائم، طبعا ، صاحبي على حق فالغلاء ، اصبح غولا يطارد الغلابا ( زي حالاتي ) ، في صحوهم ومنامهم ، والله أعلم متى يرحل هذا الغول اللعين عن فضاءات الفرد السوداني ، وعلى ذكر (محنة الغلاء ) ، فالمحنة يا جماعة الخير خشم بيوت ، فصاحبتنا الصين ، يقال أنها منذ العام 2010 تعيش في محنة الجفاف ، والقرن الأفريقي يعيش هذه الأيام في محنة الجوع الكافر ، وأمريكا سبق وأن عاشت محنة ، أحداث سبتمبر ، والعراق كان وما يزال يعيش في محنة الإحتلال البغيض ، ونحن في السودان كنا ولا زلنا نعيش في محن ما انزل الله بها من سلطان محن سياسية، محن إقتصادية ،محن تقشفية ، محن لصوصية ، ومحن أخلاقية ، وعلى فكرة مفردة محنة في بعض البلدان الخليجية ، كلمة بطالة من جد ، واللهم أجعلني من المتقشفين وليس من أصحاب المحن . واللهم إني صائم .