توقفت طويلاً وأطلت التفكير وأطلقت أنفاساً ساخنة وأنا استمع للبروفيسور عبد القادر الفادني عبر برنامج مؤتمر إذاعي وهو يصدح أن ديوان الزكاة قد خصص ما يفوق الثلاثة مليارات جنيه «حتة واحدة»، وما بين القوسين من عندياتي.. لبرنامج الراعي والرعية، وسبب دهشتي ليس للهدف الذي من أجله وجه هذا المبلغ الكبير، إذ أنني واثقة أن ثلاثة أرباع الشعب السوداني مستوفٍ للحداشر شرط التي بموجبها يتم اختيار شخصيات الراعي والرعية، ولكن دهشتي للرقم الكبير الذي يؤكد أن لديوان الزكاة سقفاً عالياً من الأموال الضخمة ليخرج من خزانته ثلاثة مليارات لهدف موسمي وطقسي مربوط فقط بالشهر الكريم، ولعل هذا السقف العالي من الأموال «المتلتلة» تجعلني اسأل الإخوة في ديوان الزكاة لماذا يكفون أياديهم عن مساهمات حياتية ضرورية طوال العام؟.. ولماذا لا يكون للديوان دور واضح في أفكار ومشاريع ترفع المعاناة عن كاهل المواطن الغلبان؟.. ولماذا وطالما أن للديوان خزانة ممتلئة، لماذا تطول طوابير المنتظرين عون الديوان إن كان للعلاج داخلاً أو خارجاً أو حتى من أصحاب الحاجات الذين ربما أن بعضهم ما لاقي حق المواصلات البرجع بيه بيته؟.. بل دعوني اسأل الإخوة في ديوان الزكاة.. لماذا لا يقوم الديوان برعاية برنامج تلفزيوني يعرض الحالات المحتاجة للعون والدعم ومن ثم يتكفل الديوان بالإنفاق عليها، وأنا على ثقة لو أن البرنامج يومي ومدته ساعة لما احتوى المآسي والبلاوي التي تعرض عليه.. ودعوني أيضاً اسأل الإخوة في ديوان الزكاة وهم بهذا السقف العالي من الإنفاق، عن مساهماتهم في دعم مستشفيات ضرورية ومهمة كمستشفى سرطان الأطفال أو مراكز غسيل الكُلى.. بل أين موقف الديوان من أولئك المعسرين الذين غدر بهم السوق فكان مصيرهم السجون بسبب إمضاء على شيك مرتد أو وصل أمانة لرصيد بلا أرقام.. وكثيرون من هؤلاء تسببت هذه المحنة التي يعيشونها في كوارث اجتماعية ضربت عواصفها بيوتهم فحولتها إلى خراب.. لذلك أهمس للقائمين على أمر ديوان الزكاة أن مشاكل الشعب السوداني ممتدة طوال العام وهي ليست رهينة وقاصرة أو معروضة فقط على شاشة الشهر الكريم، فرجاءً أخرجوا مثل ثلاثة مليارات الراعي والرعية أضعافها لرعية لها من الأسباب خمسون مش حداشر لتستوفي شروط العون ومد اليد والاهتمام!! كلمة عزيزة صحيح نحن شعب مجامل ونعزم على البليلة ونضبح الشائلة.. لكن أن تمتد هذه المجاملة للاستضافات في البرامج الفضائية، تصبح مجاملة مفقوسة وشكلها شين والسواها ظاهرة وبائنة.. وأقول ليكم كيف! إذ أنني متابعة لصيقة للحراك في المشهد الفني.. وأكاد أكون كغيري من الكتاب راصدين لأسماء النجوم وأصحاب العطاء في المشهد الفني.. وهؤلاء كثر وإن تم استضافة أي منهم في برنامج تلفزيوني، فلن تجد علامات التعجب أو الاستفهام سطراً لها في زاويتي.. لكن اسألكم بالله من سمع منكم بمطرب اسمه صلاح الأمين؟.. أنا شخصياً لم أشاهده لا في منتدى ولا احتفال غنائي شعبي أو رسمي، ولم اقرأ عنه في حوار صحفي.. لكن هذا الشاب بقدرة قادر «مفروض» على سهرات النيل الأزرق المهمة في رمضان، والعام الماضي كان مفروضاً على سهرة ليالي التي بثتها النيل الأزرق من إحدى الصالات على الهواء مباشرة، وها هو هذا العام يطل من سهرة ليالي النيل رغم أنني لم أسمع له عن وجود طول الفترة ما بين رمضان الماضي والحالي.. فيا ناس النيل الأزرق أن تفرض علينا ريماز بالقوة الجبرية.. قلنا الشكية لغير الله مذلة.. وأن يفرض علينا شريف الفحيل.. قلنا الله يسامحكم.. لكن كمان هذا الصلاح أمين الحكاية محتاجة منكم لحبة تفسير!! كلمة أعز أرجو من الأخ الدكتور حمزة عوض الله أن يقتنع بوجهة نظري التي تقول إن إطلالته عبر أي برنامج تذكرني بقطع الموية وانعدام السكر وأزمة المواصلات.. لأنه معقدها أكثر من اللازم.. ونحن ما ناقصين عقد!!