يظل رمضان الكريم من الأشهر التي لها خصوصيتها في المجتمع السوداني بطقوسه وعاداته المتوارثة وكانت رائحة الحلو مر التي تداعب أنوف الجميع في الأحياء بمثابة الاعلان المبكر لإحياء بقية السنن والموروثات وتشهد الأسواق تحركات ماكوكية لربة الأسرة بين السوق والبيت وشراء الشرموط والبهارات وتجفيف البصل وغيرها وكلها لها نكهة خاصة، وعلى الرغم من توفر كثير من هذه الأشياء جاهزة بالبقالات لكننا نجد أن للأصناف المصنعة منزلياً لها نكهة خاصة بخصوصية الشهر، يجيء الشهر هذه الأيام مختلفاً فلقد طال الغلاء جميع السلع حتى الحلو مر فقد بعض البريق واختفت رائحته اليوم إلا قليلاً داخل الحي وتعلق الأستاذة زينب صلاح: الحلو مر جسد عبقرية المرأة السودانية وهو ملك المائدة الرمضانية تتقاصر أمامه جميع العصائر الأخرى محلية أو مستوردة وكانت النساء تتنافس على صناعته في السابق داخل البيوت وكان أهم حدث في الحلة الآن تغير الوضع للغلاء الفاحش في أسعار المواد المكونة له لذا نفضل شراء الجاهز وهو يوفر لنا الوقت والجهد ولدينا زبونات متخصصات في صناعته،ومن داخل سوق الأجهزة الكهربائية تحدث إلينا العم فؤاد عن الغلاء الفاحش في أسعار الخلاطات وأشار الى جك الخلاطة الذي يحمله في يده وقال أسعى الى إصلاحه لربما استطيع إكمال بقية الشهر الكريم به، وأشار الحاج جمعة بركات الى أن البعض قد أفسد المعاني الجميلة للشهر فهناك من يتفاخر بإعداد مأكولات مكلفة و مختلفة عن الأكلات التقليدية المعروفة مما يجعلنا نفتقد للمعاني الأساسية للقيم الإسلامية السمحة وفي أحدى المحلات الكبرى بأم درمان وقفت السيدة إحسان الى جانب ابنتها بغرض شراء موية رمضان والتي تقدمها العروس الى أم العريس وأهله وأبدت السيدة تذمرًا وقالت يابنتي أصبح هاجس أرقني قبل دخول الشهر فالتغيرات التي حدثت غيرت العادات القديمة والتي كانت بتقديم البلح وموية رمضان الآبري الأبيض والأحمر والسكر وأصبحت تضم اليوم الأواني المنزلية الفاخرة الى جانب البوتجازات لأهل العريس وزادت بحنق وهي تنظر الى النقود المحدودة بيدها والله يابنتي موية رمضان تجاوزت هدفها وبقت بوبار وياناس شوفوني غايتو الله يستر حال بناتنا.