لا أعرف أي قدر من الآلام التي يحملها المهاجرون في مواقع الغربة يمكن أن تكون محتملة بصورة دائمة.. ألحظ رهقها وقد أدمنت الحياة في المنطقة وحيدة بعد أن فرقت بينها وزوجها ظروف العمل والمرض.. فهو يعمل في إحدى الولايات السودانية وهي تبقى بالعاصمة لمتابعة علاج ابنها المريض.. كثيراً ما أحس أنها هيكل عظمي بلا لحم وخطوط الغربة ترتسم على وجهها كل خط يحكي عن قصة طويلة من التعب والمعاناة والشقاء.. وعندما تجد بعض الراح تحكي عن وطنها.. ظروفه المناخية وثرواته الطبيعية وانهزام كل ذلك عند بند ساس يسوس.. فمتى تعود اللاجئة إلى موطنها معززة مكرمة. الجبنة حبشية!: رغم أننا كعاملات لا نجد الزمن البراح الذي تمارس فيه بعض نساء البيوت طقوس «تكسير الوقت» في الأيام غير هذا الشهر الكريم إلا أن موضة الجبنة الحبشية أم فيشار وطقوسها قد أصبحت مطروقة بشكل كبير.. وفيها يدور منتدى نسوي إما انتهى على خير أو انتهى على نمائم وقطائع وأكل لحومهن البعض.. تبدأ هذه النميمة بعددهن وتنتهي بآخر الباقيات والتي في الغالب هي ربة المنزل التي عليها «الدور» في ذلك اليوم والتي تأكل لحمهن مع نفسها قائلة سراً «نسوان فارغات.. ما عندهن هم»! زي قومي: هل زينا القومي النسائي في خطر مع العباءات الخليجية واللبسات الحبشية والاستايلات الغربية.. خاصة وأنّ الجيل الناهض من الشابات أميل لموضة «التونكا.. التي شيرتات.. الاستريتش..» فهل يظل موسمي اللبس.. أم أنه خاص بالنساء العاملات والواجهات النسوية.. لا أعرف بالضبط ما يمكن أن يتفق عليه.. هل يكون الثوب ملازماً للمناسبات الاجتماعية والرسمية.. وحقيقة فإن مجهوداً يلزم «لبس الثوب السوداني» ولكن مع ذلك يبقى المميز للمرأة السودانية «شوف عيني الحبيبة بحكمة لابسة التوب.. توب زان جمالك وزينه يا المحبوب».. وعندما سألت زوجة «عبدو» عن ذلك قالت غاضبة «توب شنو وجن شنو.. كدي الترخص الأسعار دي المننا يمرق حفيان.. خليني من التوب»! آخر الكلام: استلاب قوميتنا وهويتنا يبدأ بهذه الأشياء الصغيرة جداً ويتطور مع الممارسة الى أن ننكر بني جلدتنا ونرفض التنوع الذي قيل عنه «تنوع في شكل وحدة».. وحتى إشعار آخر يظل التوب السوداني مميزاً للمرأة السودانية.. مع محبتي للجميع