القطط السمان!! من أصعب و أخطر المواضيع التي يمكن أن تتناولها الصحافة، أو حتى يتناولها الأشخاص العاديون على مستوى الونسة، هي قضايا الذمة المالية لشخص ما أو مسؤول ما، لأن الحكاية عايزة دلائل وبراهين ولا يُرمى «الكلام على عواهنه»، لأن شظاياه تصيب المعنيين بالأمر مباشرة في أنفسهم وأسرهم، رغم هذه الصعوبة إلا أن بعض الدلائل والمؤشرات هي من السهولة بمكان لينتابك الإحساس إنه فلان ده «سافي» لمن ما قادر يقفل خشمه بدليل مظاهر كثيرة تطرأ على تفاصيل حياته من «نقنقة» وبحبوحة تظهر آثارها على العمارة التي يسكنها والعربة الفارهة التي يقودها وكله كوم وسفريات تركيا وماليزيا للإجازات كوم براه، ده غير الحج الفاخر ليه وللمدام وحتى شفعه الفي الروضة، ولأنه صاحبنا لم تنزل عليه ليلة القدر ولم يجد خاتم المنى وهو مجرد موظف في الخدمة المدنية أو حتى مسؤول تنفيذي مهم، لكنه في النهاية محصور ومعصور بي ماهية «لو كبت» الزيت ما بتمسحه قدر ده! هذه الإشارات التي يشاهدها المواطن لكنه لا يملك دليلاً عليها غير قلبه الذي يستفتيه تجعلنا نطالب الحكومة، إن كانت جادة بالفعل في كسر ضهر الفساد وقطع دابره، من تفعيل أجهزتها الرقابية على المال العام واستدعاء أيّاً كان ممن ظهرت عليهم آثار النعمة فجأة وأصبحوا من القطط السمان لمعرفة تفاصيل دخله وأوجه صرفه ومحاسبته بالقرش والتعريفة حتى يثبت أنه يستطيع أن يوفر من مرتب معلوم يأكل منه ويشرب وأولاده يدرسون في أغلى الجامعات أن يوفر منه باقي يجعله في هذه البحبوحة، اللهم إلا يكون الحساب غيروه أو أن هؤلاء يتعاملون بأرقام غير التي نتعامل بها. في كل الأحوال أقول إن الناس متبرمة و ساخطة وتلوك مثل هذه الأحاديث في مجالسها الخاصة وتتحدث عن أسماء بعينها ظهر عليها الثراء فجأة ودون مقدمات، والبسطاء لا يمتلكون سلطة إيجاد الدليل أو كيفية البحث عنه، لكنهم يملكون سلطة أن يغضبوا ويزعلوا، فإن كان الغضب الليلة مكتوماً فمن يضمن لكم ألا ينفجر ويمرق لي بره حمماً وحريق!! كلمة عزيزة: دوناً عن بلاد كثيرة صديقة أو شقيقة يشعر الشعب السوداني بحميمية كبيرة تجاه قواته النظامية شرطة كان أو جيش، وليس هناك بينهما أدنى جفوة أو خصومة، بدليل انحياز الجيش والشرطة دائماً لصف الشعب كما حدث في انتفاضة أبريل التاريخية. وقيادات الشرطة ظلت متابعة وراصدة لكل ما يكتب في الإعلام متفاعلة معه بجدية واهتمام بدلالة مواضيع كثيرة كتبنا عنها لم يكتفِ المسؤولون في الشرطة برتبهم الرفيعة من متابعتها والاهتمام بها، بل هم أيضاً حريصون على الاتصال بنا هاتفياً لتوضيح الأمور، وبالأمس القريب جمعني اتصال هاتفي بسعادة اللواء محمد علي مدير دائرة الجنايات الذي أخبرني أنه قد طالع زاويتي «الخرطوم بالليل» والتي تحدثت فيها عن أرتال المتشردين الموجودين في وسط الخرطوم العاصمة واتفق معي أنه وجه غير حضاري، لكنه موسمي باعتبار أن هؤلاء يتجمعون في خواتيم الشهر الكريم في انتظار بعض رجال البر والإحسان الذين يقدمون لهم المال في مثل هذه المناسبات الدينية، لكنه قال لي إنه وفي اليوم التالي توجه نحو الواحدة صباحاً إلى الموقع ووجه بترحيلهم من هناك وتفريق التجمع الذي يشكل وجودهم. وبصراحة سعدت جداً لهذا التفاعل وقلت للأخ اللواء محمد علي إن مثل هذا الحديث يجعلني أشعر بالأمان لي ولأسرتي طالما أن الشرطة صاحية ومتابعة، ومن الشعب ألف تحية لرجال الشرطة السودانية. كلمة أعز: شكراً أنيقاً للزميل أمير عبد الماجد الذي أثنى على خوضي تجربة «بنات حواء»، وأمير صاحب رأي لا يعرف المجاملة ولا التطبيل، وكذا الشكر الأنيق للزميل طارق شريف الذي أثنى على البرنامج و قال لي بالحرف إنتي رفعتِ رأسنا كمنتمية لقبيلة الصحفيين، وطارق هو الآخر شفاف وصاحب مفردة أنيقة جزيلة العطاء.