قال تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم) الأنفال 75 الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق جبال النوبة المختلفة بولاية جنوب كردفان منذ السادس من شهر يونيو 2011 وحتى الآن راح ضحيتها المئات من أبنائنا الأبرياء وخاصة المدنيين منهم ونزح بسببها الآلاف الى الولايات الشمالية وخاصة الى ولاية الخرطوم وبلغ عدهم أكثر من ثلاثة آلاف نازح يعيشون مع ذويهم في ظروف حياتية قاسية ورفضوا اغاثات المنظمات الإسلامية وغيرها باستثناء إغاثات ديوان الزكاة الاتحادي وجمعية الهلال الأحمر السوداني ولجنة مسلمي أفريقيا الكويتية وجمعية الهلال الأحمر الإماراتي فضلاً عن اختفاء عشرات الآلاف منهم في ظروف غامضة ونهبت ممتلكاتهم المختلفة وآخرين محاصرين في مناطقهم بجبال النوبة وخاصة في مناطق قبيلة النيمق غرب مدينة الدلنج وحكومة جنوب كردفان لاتسمح بدخول المواد الغذائية والطبية وغيرها من المواد الإنسانية الى تلك المناطق وما كان ينبغي أن تحدث مثل هذه الأحداث المؤسفة لو كانت الأطراف المتصارعة قد احتكمت لصوت العقل في معالجة الخلافات التي حدثت بين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حول نتائج الانتخابات الأخيرة بالولاية وهي بلا شك إفراز حقيقي لاتفاقية نيفاشا التي ظلمت أبناء النوبة وأعطت الحركة وأبناء جنوب كردفان الآخرين من السلطة والثروة أكثر مما يستحقون فكانت الحرب الأخيرة التي دمرت المنطقة وشردت أبناءها وأعادت الولاية وجبال النوبة بصفة خاصة الى أجواء ما قبل ثورة الإنقاذ الوطني عام 1989 وتعود نفس القوات بقيادة نفس رموزها القديمة وتعيد مرة أخرى جبال النوبة الى النفق المظلم والى الدمار الشامل الذي هو السمة البارزة لهذه الحرب بالمنطقة دون مناطق الآخرين بالولاية واستغلها أعداء السودان والمؤتمر الوطني وجبال النوبة بالداخل والخارج وقاموا بتدويل المشكلة فصدر تقرير مجلس حقوق الإنسان الدولي مؤخرا الذي لم يخل من أجندة خبيثة تهدف لتكرار مأساة دارفور بجبال النوبة حتى يتمكنوا من دخول المنطقة الى ذلك دعا اللواء إيدام أحد رموز ثورة الإنقاذ الوطني من أقطاب جبال النوبة البارزين المشير البشير رئيس الجمهورية الى كلمة سواء وبالتدخل السريع لإنقاذ أبناء جبال النوبة بجنوب كردفان وتشكيل لجنة قضائية لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان بجبال النوبة بين طرفي النزاع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية كما فعل عام 1989 عندما تفجرت ثورة الإنقاذ بقيادته وحتى يفوت الفرصة على المجتمع الدولي الساعي لتدويل قضية جبال النوبة تحت مسمى مشكلة ولاية جنوب كردفان وانتقد اللواء إيدام بشدة عندما كان يتحدث على مائدة إفطار لأبناء قبيلة النيمق بولاية الخرطوم برعاية رابطة منطقة تندية وذلك بنادي الوحدة ببحري في مطلع هذا الأسبوع وقال إن استمرار المواجهات الدامية بجبال النوبة وخاصة في مناطق قبيلة النيمق أمر مؤسف وطالب بوقف الحرب فورًا دون تدخل جهات خارجية ووصف المبادرات المختلفة حول المشكلة بأنها مجرد إهدار للمال العام وذر الرماد في العيون وفاقد الشيء لا يعطيه بالإشارة الى مبادرات القوى السياسية بالولاية واجتماعات الإدارة الأهلية بها ومبادرات أخرى متعددة لا جدوى لها وطالب اللواء إيدام حكومة جنوب كردفان التعامل مع أبناء النوبة بالولاية وخاصة الموالين للحركة الشعبية بشيء من الشفافية وليس بالقهر والاعتقالات العشوائية والاستغناء عن خدماتهم في الخدمة المدنية إلخ كما طالب الحكومة الاتحادية بإشراك أبناء النوبة في لجنة التحقيق التي كونها وزير العدل لتقييم الأوضاع الإنسانية بالولاية دون الإشارة الى مناطق جبال النوبة الأكثر تأثراً بالحرب وأن تمتد تحقيقات هذه اللجنة الى الولايات الأخرى التي نزح إليها أبناء النوبة وفي ختام دعوته للمشير البشير رئيس الجمهورية ناشد اللواء إيدام الحكومة بالتعامل مع المجتمع الدولي بالحكمة والعقلانية وليس بالتهريج وبالتصريحات المتضاربة كما دعا لتوحيد الخطاب السياسي والإعلامي للدولة وخاصة فيما يتعلق بقضية جنوب كردفان ودارفور وأبيي وإسناد أمر الحرب بالولاية للقوات المسلحة فقط وهي وحدها قادرة على حماية أمن الوطن ومواطنيها وممتلكاتهم المختلفة بجنوب كردفان وجبال النوبة ومشهود لها بأنها لاتنهب أموال المواطنين وهي قوات قومية لكل أهل السودان لا تخضع لأي توجهات سياسية أو حزبية أو جهوية أو قبلية لذلك يجب المحافظة على سمعتها ومنع المندسين فيها حتى لا يقوموا بأعمال لا تتفق مع توجهاتها القومية كما ناشد أبناء جبال النوبة بالولاية وعلى امتداد أرض الوطن وخارجه وخاصة الموالين للشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لنبذ الفرقة والشتات والاقتتال ما بينهم مع توحيد صفوفهم ووحدتهم الوطنية وكلمتهم والابتعاد عن المصالح الشخصية والحزبية والقبلية الخ والالتفاف حول مستقبل جبال النوبة وأهلها المهدد بالضياع على خارطة الوطن وتبقى موحدة دون الذوبان في الكيانات الوافدة إليها باسم ولاية جنوب كردفان كما كانت منذ فجر التاريخ وخاصة بعد انفصال الجنوب فإنها تحتاج إليهم أكثر من أي وقت مضى بعد الخراب الذي أصابها في كل مجالات الحياة بسبب الأحداث الأخيرة.