عندما نشر مؤمن الغالي مقالاته الثلاث عن أغاني وأغاني كنت في القاهرة، وكان معي الصديق الدكتور محيي الدين تيتاوي نقيب الصحفيين، والأخ الكاتب الرياضي كمال افرو.. وأحضر الينا أحد الأصدقاء الأعداد الثلاثة من جريدة آخر لحظة، واطلع عليها باهتمام أحد اساطين الصحافة المصرية، ودهش للأسلوب الشيق الساخر الذي يكتب به مؤمن الغالي.. وقال لي بالحرف الواحد لديكم سعدني كبير في السودان، فقد اذكرتني مقالاته هذه صراعات ومعارك وأسلوب الولد الشقي محمود السعدني، وظل يضحك لما أثاره مؤمن عن حكاية الباصات.. والفصل في الجامعات والعودة الى عصور الحريم والظلام والذين يتنطعون في الفارغة والمليانة. وقال لي الصديق المصري على رأي المثل اللي عنده مال ومحيره يشتري حمام ويطيره.. فقلت له ماذا تقصد فقال لي يا عم ناس فاضية مش لاقية حاجة تتشطر عليها إلا برنامج ناجح يسعد ملايين البشر.. هو ما فيش حاجة غير البرنامج ده؟ فقلت له هذا البرنامج يجعل الملايين مبسوطة في هذا الشهر الكريم، ولكن في ناس مش عايزة الناس تكون مبسوطة، عايزين يعكننوا على ثلاثين مليون.. لشيء في نفس يعقوب. أهداني الصديق المصري شريطاً جميلاً أحضره من المملكة فيه آخر اصدارات فنان العرب محمد عبده.. الذي يشنف آذان ساكني أرض الحرمين بهذا الفن الجميل.. وقال لي الصديق المصري أنتم أيضاً لديكم فن جميل يحث على الخير والعفاف والفضيلة ومكارم الأخلاق، والحب الطاهر البريء.. ويدخل البهجة والسعادة على قلوب الناس- فلماذا تحاربونه.. هذا فنكم وتراثكم يا أخي.. فقلت له نحن لا نحارب الفن يا اخي بل ندعمه ونشجعه، وقد استمعتم الى حافظ عبد الرحمن في ليالي الاوبرا، وشنف آذانكم شرحبيل بأروع ما أبدع الفنان العربي والافريقي المعاصر.. ولدينا شعب فنان ذواق، ولكننا لا نعدم مشاتراً وجد نفسه بين يوم وليلة في كرسي أكبر منه بكثير، فتكون التدخلات الخرقاء التي تحجب الفرحة عن القلوب. وقل له يا اخي ليس هناك انسان عاقل يحارب الفن الرفيع فقد شهدت مدينة الحبيب ابداعات ابن ابي عتيق، وروائع العرجي، حفيد ذي النورين عثمان بن عفان-وسؤلت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها عن الغناء فقالت (هو كلام حلاله حلال وحرامه حرام..» وهكذا كان السلف الصالح وتعقلهم وحكمهم على الأشياء..