للعيد هذا العام طعم خاص، وأشد خصوصية في كل البلدان التي نجحت ثوراتها الشعبية، لأن العيد سيكون عيدين على المستوى العام، وربما كانت له خصوصية لدى أسر الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لشعوبهم ومن أجل الحرية التي هي أجلَّ قيمة في الوجود بعد قيمة الحياة نفسها. الشعوب التي في طور بلوغ الهدف بتغيير أنظمة الحكم فيها وتحطيم أصنام السلطة ومصادرة الحريات، تعيش أيضاً مخاض النجاح الذي غالباً ما يجيء على أعلى مراتب الألم. الآن بدأ عهد جديد في المنطقة، وقد ذكّرني أخي وصديقي الأستاذ إبراهيم الغبشاوي قبل يومين كيف أنني أبديت ملاحظة ونحن نتجول في شوارع طرابلس عام 1990م، ونرى أمامنا لافتات على شاكلة (بقالة العهد الجديد).. (مغسلة العهد الجديد) أو (ملحمة العهد الجديد)، وقال لي إنه لا زال يذكر تعليقي على ذلك عندما قلت له إن (العهد الجديد) سيظل هو حلم الشعب الليبي طالما ظل العقيد معمر القذافي جاثماً على صدور الليبيين الأشراف الأحرار الذين فتك بهم العقيد وزبانيته على مدى أربعة عقود وأكثر. نستطيع اليوم أن نفرح بالعيد ثلاث فرحات، ونعلم أن للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، وتكون الفرحة الثالثة في هذا العيد المبارك، هي فرحة الشعوب بأن دكت قلاع الظلم والاستبداد، وهي فرحة نسأل الله ألا يحرم منها شعب وألا تُحْجب عن أمة المسلمين أبداً. نقول بقناعة تامة إن النظام العربي الجديد آخذ في التشكل، وسيكون نظاماً تحكم فيه الشعوب نفسها بنفسها، وتقاتل من أجل مبادئها وتجاهد من أجل عقيدتها وإعلاء كلمة الحق.. وما هذه الثورات التي تنتظم العالم العربي من المحيط إلى الخليج إلا دليل رفض لمحاولات (تغريب) الأمة وتغييبها.. الأنظمة التي لم (تنتبه) بعد إلى توجهات وأهداف شعوبها، عليها أن تستعد ب (بل الرأس) بعد أن طارت رؤوس ورؤساء وحتى لا يصبح لسان حال الحاكمين الظالمين الذين تمت الإطاحة بهم يردد ما جاء في دالية المتنبيء في هجاء كافور الإخشيدي: عيد بأي حال عدت يا عيد * بما مضى أم لأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم * فليت دونك بيداً بعدها بيدُ و.. كل عام والأمة الإسلامية بخير