كتب الشاعر البريطاني المعروف جون ميلتون في العام 1667 رائعته "الفردوس المفقود" استند عليها المذهب الليبرالي الحر،وقد دعا خلالها إلى بسط الحرية وترك الأفكار تتصارع فوق الأرض ليبقى أصلحها،كما انتقد في شدة الرقابة على الرأي وتكبيله واعتبره إيذاء للإنسانية،ونحن في حاجة إلى ذلك الفردوس، ونأمل أن لا تتعثر خطانا في سبيله. و قبيل العيد نفرح مع زميلنا جعفر السبكي وأسرته بنيله حريته بعد نحو تسعة أشهر أمضاها خلف القضبان،ونشكر رئيس الجمهورية الذي عفى عنه وأكرم الصحفيين في شخصه عندما استجاب لهم في ليلة الرموز الصحفية في ختام خيمة الصحفيين التي نظمتها "طيبة برس" ، والشكر يمتد إلى أستاذنا محجوب محمد صالح،والزميل محمد لطيف صاحب المنبر الذي أعلن من خلاله الرئيس قراره بالإفراج عن أي صحفي معتقل،ونعتقد أنه قرار موفق وفي وقته قبيل العيد حتى تفرح كل الأسر التي أضناها التعب واستبد بها القلق، والأطفال الذين فقدوا آباءهم شهورا. وقد حملتني أسرة الزميل جعفرالسبكي ممثلة في أخويه الكبير إبراهيم من نيالا، والمحامي أحمد في الخرطوم، أن أنقل شكرها وتقديرها لقرار رئيس الجمهورية،والمجتمع الصحفي عموما وأسرته في »الصحافة» التي لم يغب عنها منذ اعتقاله من صالة التحرير في 3 نوفمبر الماضي،واعتبرت أسرة جعفر أن زملاءه قاموا بواجب الزمالة والإخوة الصادقة،وكان ردي أن ذلك كان واجبهم لان جعفر كان واحداً منهم لم نعرف عنه إلا زميلاً باسماً مخلصاً ومتعاوناً في عمله وعلاقاته ممتدة مع الجميع. ورغم فرحنا مع جعفر، فان العيد يأتي هذا العام بعد أن فقدنا جزءا عزيزا من الوطن وأخوة قرروا الابتعاد عنا ومفارقة وطنهم الكبير،وفي دارفور النزيف مستمر، وقبل أن يندمل انفتق جرح آخر في جنوب كردفان،والشقاق بين النخب والساسة يستعر والوحدة الوطنية الغائب الأكبر،والوطن تحيط به التحديات وتتناوشه السباع. يأتي العيد، وقد صارت الحياة نكدا على الأسر التي ألهبت ظهورها سياط الأسواق وخطف ارتفاع الأسعار بمتواليات هندسية البسمة من وجوهها، وصارت تكاليف المعيشة رهقاً وعنتاً وبعبعاً ترتعد منه الفرائص. يحل العيد، ونحن في حاجة إلى عودة العقل والوعي واستشعار المسؤولية، وتناسي الجراحات والضغائن والإحن وإفشاء السلام والمحبة، ليعلو الوطن والمصلحة الوطنية على ما سواهما،حتى لا تتخطفنا غاديات الزمان، ونصبح يوما لا نجد ما تبقى من بلادنا لنتنازع عليها. ونرجو أن يصبح كبارنا من قادة الحكم وقواه السياسية والاجتماعية كبارا لأنهم يقودون شعباً حراً وأبياً وكريماً جارت عليه الأيام وخذلته نخبه فصار الحزن أنيسه واجترار الذكرى جليسه والخوف من المجهول حليفه. ومع ذلك نردد مع المتنبىء: عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ