جريمة الأبيض التي ارتكبها «أب» في حق زوجته وبناته جعلت أفكاري تائهة ما بين القسوة وأهمية التعليم.. وكيفيته.. قطعاً المتهم غير محق في رفضه تعليم بناته.. ولكنه محق جداً في ضرورة تعليمهن علوم القرآن والسنة.. وإن كانت كل الأديان والأعراف تستنكر أن يكون عقابه أو رد فعله ازاء حكم المحكمة التي رأت ضرورة تعليم البنات «إقامة الحدود والقطع والتنكيل بأقرب الناس إليه..» ولا ينكر عاقل أهمية التعليم من حيث هو.. وفتحه لأضابير العقل واستخدام ملكات وقدرات معطلة لإمكانات هائلة يتمتع بها الكائن البشري.. وفُضل الإنسان على سائر المخلوقات بما فيها الملائكة بالعلم.. حين علَّم الله تعالى آدم عليه السلام الأسماء كلها واختصه بذلك.. ليدلل على أن الإنسان بالعلم يرتقي فوق كل الكائنات.. وللعلوم الدنيوية أهميتها في عمارة الكون والخلافة في الأرض، ولكن هذا يقودنا إلى أهمية العلوم الشرعية، فإن كان العلم الدنيوي فرض كفاية فالعلوم الدينية فرض عين.. طالما أن الميزان منصوب.. والجنة تفتح أبوابها.. والنار تسعر بالجحيم.. ولا يقبل الله معذرة الجهل.. فما كان الله تعالى يعذب أحداً إن لم يبعث الرسل (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)الاسراء «15». واعلم الناس وأحكمهم وأتقاهم أهل القرآن والسنة.. من يقرأون ويحفظون ويعون.. فما جاء من القرآن أصل العلم كله والمنطق وما يصدقه العقل.. جاء بالكليات وفسرت السنة الجزئيات وما فرط الكتاب في شئ.. وكل العلوم والاكتشافات والحضارات وما كان وما سيكون منبعه القرآن.. وأتعجب أيما عجب في أن يختار الأهل للأبناء المدارس الأجنبية.. والقرآنية قد ملأت السوح والديار..! ليس كل «أمي» جاهل.. ولا كل متعلم عالم.. فكم من جاهل أعقل وأعدل وأحكم من متعلم كالحمار يحمل أسفاراً.. لقد حكى التاريخ أن خير البشر كان أمياً.. ولكني أرفض هذا التعبير لأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد علّمه الله العلم اللدني.. وكان كلامه من السماء وحي ينزل وكان خلقه القرآن.. إن كل من قرأ الخلوة وحفظ القرآن تجده يملك ناصية اللغة واسع المدارك رحب الصدر شديد الأدب.. اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين يعملون به فيشفع لهم..! زاوية أخيرة: كثير من الناس يجهلون الحدود الشرعية أو يعرفونها ويدعون الجهل.. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون؟!!