مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    البرهان بين الطيب صالح (ولا تصالح)..!!    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    وزارة الثقافة والإعلام والسياحة: قناة "سكاي نيوز عربية" ممنوعة من العمل في السودان    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    مساعد البرهان يتحدث عن زخم لعمليات عسكرية    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطبة التي ألقاها الأمير: عبدالمحمود أبو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار بمسجد الهجرة بود نوباوي


بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة التي ألقاها الأمير: عبدالمحمود أبو
الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار
بمسجد الهجرة بود نوباوي الجمعة:11ربيع أول 1433ه
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد ألاإله إلاالله وحده لاشريك له جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، والصلاة والسلام على النبي الأمي الذي جاء بالحق شاهدا ومبشرا ونذيرا، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه الذين آزروه ونصروه واتبعوا النورالذي أنزله معه ومن سار على دربهم إلى يوم الدين.
أمابعد
قال تعالى:" وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَأِ المُرْسَلِينَ (34) وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ "[الأنعام:34-35]
أحبابي في الله وإخوني في الوطن العزيز
عندما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة عارضه المشركون واليهود والنصارى، فالمشركون قالوا: " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيئ عجاب"[ص:5] وأهل الكتاب قالوا: " وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ " قال تعالى" قُلْ إِنَّ الهُدَى هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ "[آل عمران:73-74] فالمشركون وأهل الكتاب عارضوا الدعوة لأنها جاءت بمفاهيم تخالف ما ألفوه، وبعقيدة تناقض ماورثوه، وبمنهج يختلف عن مناهجهم فعارضوه وقالوا " وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) " قال تعالى: " قَالَ أَوَ لَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ " وهكذا واجهت الدعوة والاسلامية منذ البداية إعراضا وصدودا من أصحاب الديانات السابقة ومن المشركين فلم يثنها ذلك عن الجهربكلمة الحق فصمدت في وجه العاصفة حتى انتصرالحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز
جاء الاسلام مشتملا على أصول الرسالات السابقة المتمثلة في التوحيد والعدل وعقيدة البعث والجزاء في الدارالآخرة، فكان مصدقا لما سبق ومهيمنا عليه، والهيمنة تعني استصحاب الأصول وتصحيح الانحرافات وتشريع أحكام جديدة تلائم عصرالختام قال تعالى: " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ"[المائدة:48]
لقد جاء التشريع الاسلامي متصفا بالخصائص الآتية:
أولا: الربانية : فالأحكام شرعها الله سبحانه وتعالى فهو الذي خلق الخلق وهو يعلم مصالحهم قال تعالى: " ألايعلم من خلق؟" ولذلك جاءت أحكامه محققة لمصالح عباده في الدنيا وفي الآخرة ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس أحكام الله قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ" [المائدة:67] فالله سبحانه وتعالى جعل أحكامه بالنسبة للتطبيق متفاوتة بين قوله تعالى:"اتقوا الله حق تقاته" وبين قوله تعالى"فاتقوا الله مااستطعتم"
ثانيا:التدرج : الأحكام الاسلامية متعددة ولايمكن تطبيقها دفعة واحة ولذلك جاءت متدرجة، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن أمره أن يتدرج مع الناس ولايقدم الأحكام دفعة واحدة فيتعذرعلى الناس تطبيقها، فطلب منه أن يبدأ بالعقيدة ثم الصلاة ثم الزكاة وهكذا... واكتمل نزول القرآن الكريم في ثلاثة وعشرين عاما
ثالثا: الواقعية: طبائع الناس لايمكن تغييرها بين عشية وضحاها ولذلك جاءت أحكام الاسلام مراعية لظروف الواقع الزماني والمكاني والبشري فلكل زمان ظروفه وأحواله ومتطلباته ولكل مكان خصائصه ولكل إنسان دوافعه ومؤثراته
رابعا: الشمول:الأحكام الإسلامية غطت كل مجالات الحياة ونظمت علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بالناس وعلاقته بالطبيعة بكل مظاهرها ومكوناتها
خامسا:العالمية:الرسالات السابقة كانت محصورة ومحدودة في المكان والزمان والأحكام والرسالة الاسلامية جاءت عالمية في خطابها وفي أحكامها قال تعالى :" قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً "
سادسا: المرونة: أحكام الاسم جاءت مرنة صالحة للتطبيق على كل حالة وتراعي تغيرالزمان والمكان والأحوال والعادات فمثلا الحكم الأصلي للزواج في الاسلام هوالاستحباب أي أن الزواج مستحب، ولكن مرة يكون واجبا للمستطيع الذي يخشى أن يقع في الحرام، ومرة يكون مكروها للذي يتوقع منه أن يقصر في بعض متطلباته ومرة يكون حراما لغير القادر على القيام بحقوق الزوجية ، ومرة يكون مباحا للقادرالمستطيع ويستطيع على منع نفسه من الوقوع في الحرام فالأحكام تكيف على حسب حالة كل شخص. وكل الأحكام الشرعية عند تطبيقها تراعى فيها حالة الشخص ليكون الحكم ملائما لظروفه.
سابعا:التيسير: كثيرا ماحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التيسير فقال لأصحابه "بشروا ولاتنفروا ويسروا ولاتعسروا" وماخير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلااختار أيسرهما مالم يكن إثما
ثامنا:الرحمة: إذا سئلت عن الصفة التي تميز بها الاسلام فقل إنه دين الرحمة، فالله سبحانه وتعالى من صفاته الرحمن الرحيم وأول آية يستفتح بها القرآن الكريم هي بسم الله الرحمن الرحيم ، والرسول صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة قال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " والرحمة تتجلى في كل الأحكام الاسلامية وتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى: "ورحمتي وسعت كل شيئ" وقال أميرالشعراء مادحا رسول الله: وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
تاسعا: الإنسانية: الأحكام الإسلامية جاءت تخاطب الإنسان وهو المكلف بتطبيقها، فللانسان دور في فهمهما، ومن شرط التكليف أن يكون المكلف عاقلا، فالقلم مرفوع عن الصبي وعن المجنون وعن النائم لأنهم غيرعقلاء، فللعقل دور في استنباط الأحكام وفي معرفة صحة النصوص التي تستبط منها الأحكام روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفرمنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه"
هذه الخصائص وغيرها كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستحضرها وهو يطبق أحكام الشرع على الوقائع، وفي حياته صلى الله عليه وسلم كان الوحي ينزل عليه بأحكام الإسلام فيبلغها بالنص إن كانت قرآنا، وبالمعني عن طريق السنة القولية والفعلية والتقريرية. فالتشريع في عهده صلى الله عليه وسلم كان مصدره القرآن ومايبينه من السنة، وكان الصحابة يستعملون عقولهم في فهم النص ورسول الله بين أيديهم فكان يقرهم على نتائج استنباطات عقولهم إذا كانت سليمة ويصوبهم إذا كانت خاطئة ، وكان الصحابة يسألون رسول الله إذا أمرهم بأمر هل هو وحي من الله أم هوحكم شرعي من الرسول يطبق دون نقاش، أم اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم؟ وكان الرسول يبين لهم طبيعة الأمر، ومن أمثال ذلك موقف الحباب بن المنذرعندما أمررسول الله الصحابة بالنزول في بدر فقال له الحباب أهذا أمرأمرك الله به لايجوز لنا أن نتقدمه أونتأخره أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فبين له الرسول طبيعة الحكم ماهو إلا رأي رآه فأمرالحباب بغيره فلم يقل له الرسول إنك تصادم الشريعة وتعارض القرآن. وعندما قرر رسول الله أن يعطي ثلث ثمارالمدينة لقبيلة غطفان لتخرج من حلف الأحزاب قال له زعيما الأنصارسعد بن معاذ وسعد بن عبادة أهذا أمر أمرك الله به أم رأيا رأيته أم اجتهاد منك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة فأردت أن أرفع عنكم كيدهم " فرفضا ذلك وقالا والله لانملك لهم إلا السيف. فلم يكفرهما رسول الله بل نزل عند رغبتهما، فالاسلام لم يأمرالناس بالاتباع دون فهم وإنما دعاهم للتدبر والتعقل والتثبت والاقتناع ومن ثم التطبيق . كان هذا هو ديدن الصحابة في حياة رسول الله وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم واجهت الصحابة مستجدات فاجتهدوا لاستنباط أحكام تلائم الواقع الجديد وكانت مرجعيتهم كتاب الله وماصح من سنة رسول الله فإن لم يجدوا حكما صريحا اجتهدوا وتختلف نتائج اجتهاداتهم لأن كل مجتهد يتأثر بالبيئة التي تحيط به. وكلما واجهت الأمة ظروف جديدة توسعوا في وضع القواعد والمصادر التي تساعدهم على استنباط الأحكام ، إلى أن جاء عصرالتابعين فوضع الامام الشافعي مبادئ علم الأصول لتكون منهجا منضبطا لاستنباط الأحكام ، فالمصدران الأساسيان هما الكتاب والسنة ثم أضيف لهما الاجماع والقياس اللذان لم يتفق عليهما كل علماء الأصول والاجماع اختلف فيه هل مقصود به إجماع الأمة أم اجماع الصحابة أم اجماع مجتهدي كل عصر أم اجماع آل البيت وهكذا.. لم يتفق على تكييفه ثم توسعوا في المصادر فأضاف المالكية عمل أهل المدينة وأضاف غيرهم قول الصحابي وشرع من قبلنا والاستحسان والاستصحاب ..الخ وفي كل هذه المراحل ظهر حفظة نصوص ولكنهم ليسوا فقهاء فكفروا من خالفهم ووصفوه بالبدعة والزندقة وقالوا للامام علي رضي الله عنه إنك كافر لأنك قبلت التحكيم ولاحكم إلا الله . إن أزمة الأمة تتمثل في حفظة النصوص الذين قل فقههم والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل من يرد الله به خيرا يحفظه النصوص بل قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" والفقه في الدين هو الفهم الصحيح للحكم الشرعي مستنبطا من النصوص مع استصحاب المقاصد ومراعاة الواقع. إن الدعوة إلى الله لاتكون بالغلظة والعنف اللفظي وقد حدد الله سبحانه وتعالى أساليب الدعوة المتمثلة في الآتي:
أولا: الحكمة قال تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"
ثانيا: اللين: فعندما بعث الله سبحانه وتعالى موسى وهارون إلى فرعون أمرهما باللين معه قال تعالى : " اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولالينا لعله يتذكر أويخشى" وأثنى الله سبحانه وتعالى على منهج الرسول في التعامل مع الناس قال تعالى " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"
ثالثا: عدم الاكراه قال تعالى : "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين"
رابعا: استيعاب عوامل السعة والمرونة في التشريع الاسلامي فالشريعة الاسلامية تتضمن عوامل تؤكد مرونتها منها: اتساع منطقة العفو على منطقة الحظر والايجاب، والاهتمام بالنص على الكليات، وقابلية النصوص لتعدد الأفهام ومراعاة الأعذاروالظروف الطارئة وتغيرالفتوى بتغير الزمان والمكان والحال. قال صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وماحرم فهوحرام ، وماسكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإنه لم يكن لينسى شيئا" ثم تلا قوله تعالى "وماكان ربك نسيا" رواه البزار أوكما قال . يغفرالله لي ولكم وللمسلمين أجمعين
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله مع التسليم
وبعد
قال تعالى: " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ"
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
الإسلام في السودان دخل عن طريق الدعاة والمبشرين وشيوخ الطرق الصوفية، وساهمت الطرق في نشره عن طريق خلاوي تحفيظ القرآن الكريم والذكر والأنشطة الاجتماعية وجاءت المهدية مستصحبة للواقع الاجتماعي وأقامت الدولة الإسلامية التي شارك الجميع في إقامتها وظل الخطاب الدعوي متسامحا إلى أن جاء بعض الدعاة بأفكار تكفرالمسلمين وتنشرالعنف اللفظي ضد المخالفين فسممت الأجواء السودانية، فأصبح الوطن الآن مهددا بالسقوط في هاوية حرب دينية وهي إذاوقعت – لاقدر الله - ستكون الحالقة التي تحلق الدين من هذه البلاد وستكون من أسوأ الحروب التي شهدها السودان .
إننا من واقع المسئولية نناشد قيادة أنصارالسنة ممثلة في الشيخ إسماعيل عثمان وهورجل خلوق يدرك واقع السودان القائم على التنوع، أن يطلبوا من منسوبيهم أن يدعوا لمنهجهم دون تعرض لرموز التصوف أو تجريح لمشايخهم ، كما نناشد مشايخ الطرق الصوفية ومريديهم أن يضبطوا أنفسهم ويعملوا على احتواء الموقف المتأزم حقنا للدماء وحفاظا على روح التسامح التي عرف بها أهل السودان فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
أحبابي في الله وردت في بيانات وأحاديث منسوبي الرابطة الشرعية عبارات الأقوال الكفرية، ومصادرالتلقي ، وبالأمس نشر رئيس الرابطة رسالة في الصحف تضمنت عشرنقاط سنرد عليها إن شاء الله ردا مفصلا موثقا علميا حتى يعرف الناس الحق من الباطل، وأما العبارات غيراللائقة فسنهملها لأن كل إناء بما فيه ينضح ! وقديما اعترض مقلدة العلماء على الإمام المهدي بأربعة عشر إعتراضا فرد عليهم العالم العلامة المجاهد الحسن سعد العبادي وجاء في نهاية رده نقلا عن الحصوني قوله "لو قرأت على المنكر التوراة والانجيل والزبور والفرقان والكتب السماوية لم يترك الانكار" ولكنا هنا سنبين منهجنا حتى لايتقول علينا ببعض الأقاويل فنقول إن منهجنا يقوم على الآتي:
أولا: مرجعيتنا الكتاب والسنة التزاما بقوله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي"
ثانيا: نقرأ الكتاب والسنة بمنهج يميز بين الأحكام القطعية والأحكام التي تحتمل أكثرمن معني فنلتزم بالأحكام القطعية ونجتهد لمعرفة أقرب الاحتمالات للحق في الأحكام الظنية مستصحبين معنا مقاصد الاسلام وروح الشريعة والمصلحة الشرعية التي توخاها الشارع من الأحكام.
ثالثا: نتعامل مع السنة الثابتة عن رسول الله بمنهج يميز بين الأحكام التي وردت فيها على أساس: أن هنالك أحكاما جاءت عن طريق الوحي والرسول فيها مبلغ عن الله، وهنالك أحكام جاءت على سبيل الفتوى عن رسول ، وهنالك أحكام أصدرها باعتباره قاضيا يحكم على حسب البينات، وهنالك أحكام أصدرها من منطلق السياسة الشرعية، فكل حكم من هذه الأحكام تحيط به قواعد إصدار الحكم حسب طبيعة ومقتضي كل حكم.
رابعا:بما أن الله سبحانه وتعالى جعل العقل شرطا في التكليف فنعتقد أن أحكام الاسلام لاتتناقض مع استنباطات العقول وإذا ظهر أي تناقض بين الحكم الشرعي والاستنتاج العقلى السليم فإن العلة ليست في الحكم الشرعي وإنما العلة تعود للفهم الخاطئ للحكم الشرعي، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالتعقل والتدبروالتفكر، فإعمال العقل لفهم الحكم الشرع من أمرالله.
خامسا:نعتقد أن أحكام الشريعة جاءت ملبية للمطالب الإنسانية الضرورية التي يحتاجها الإنسان حيثما وجد وهي: المطلب الروحي، والمطلب المادي، والمطلب العقلي، والمطلب الاجتماعي، والمطلب العاطفي، والمطلب الرياضي، والمطلب الترفيهي، والمطلب الجمالي، والمطلب البيئي، هذه المطالب يحتاجها كل الناس فهي تكيف بأنها من مطالب الفطرة والاسلام دين الفطرة فتعاليمه وأحكامه تستجيب لهذه المطالب قال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"
سادسا: نرتب الضروريات الخمس كالآتي النفس ثم العقل ثم الدين ثم النسل ثم المال وهذه هي الكليات التي جاء الدين للمحافظة عليها وحجتنا في ذلك أن الإنسان هو المطالب بتطبيق الدين فحرمة الأبدان مقدمة على حرمة الأديان والعقل مناط التكليف فلا دين لمن لاعقل لها ثم يأتي الدين ليلتزم به الإنسان العاقل ثم تأتي بقية الكليات.
سابعا: نسترشد باجتهادات السلف ونأخذ منها ما يتلاءم مع ظروف عصرنا لأن الله يحاسبنا على فهمنا وليس على فهم من سبقنا قال تعالى " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " وعلى قاعدة "لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال" اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم جنب بلادنا الفتن ماظهرمنها ومابطن آمين
Abdelmahmoud Abbo [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.