حقيقة الإنسان كاملة لا يعرفها إلا الله وحده... فابن آدم .. يخدع نفسه ويخدعه الشيطان حتى يظن أنه أفضل خلق الله... زهواً وكبرياءً بنفسه التي حباها الله بسطة في الرزق أو العلم.. أو فاخر الملبس والرياش.. ويزيده الندماء والمجالسون.. تيهاً وافتخاراً.. حتى يقضوا مصالحهم، ويأخذوا مقابل مدحهم من جزيل عطاياه، فلا يعد يستطيع أن يحاسب أو يعرف حقيقة نفسه، بعد أن طغت عليها الغفلة والران والصدأ.. وإن كان كل الذين يزجون المدح والنفخ يعرفون كل عيوب الممدوح... ويعرفون أيضاً حبه للثناء والشكر ولو كذب... وهذه هي طبيعة النفس البشرية إلا من هداه ربي.. صور عرضتها قناة (طيبة) لمجاعة الصومال.. ودور الأيتام.. ومتشردي الشوارع... جعلتني أشعر كم نحن (مفترين) على نعمة الله.. نرتدي فاخر الثياب.. التي تزين مظهرنا وخزائننا ملأى... بما نحتاجه وما لا نحتاجه، ولكننا نعجز عن التبرع ولو بجزء منه، فكلما لمسنا شيئاً زينه الشيطان لنا، وإن كنا لا نستعمله لسنوات طويلة.. والله تعالى يقول (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) والبر درجة عالية.. لا يناله الإنسان الا إذا خالف طبعه، وكسر ما يألفه، وتحرر من قبضة النفس.. ووسوسة الصدر قال تعالى:(إن الأبرار لفي نعيم..)، والبر كالإحسان درجة عالية.. يحتاج نيلها لمشقة.. كالعفو لمن أساء اليك.. ووصل من قطعك.. والبذل لمن حرمك.. وبقدر ما تكون المشقة بقدر ما يزيد الأجر. فهل يدل الملبس أو المظهر على المخبر أو الباطن.. سبحان علام الغيوب والمطلع على البواطن. قال العلامة حيدر التوم: إن مجرد الاهتمام بحشمة الأجساد وهي تتهادى في الشوارع.. والعسس يفتشون عن طول الثوب وقصره دون الالتفات إلى بناء النفوس وحشمتها، وإلى غرس القيم الفاضلة فيها، إنما يؤدي إلى بناء جيل مطبوع على النفاق محتشم متى ما كان سيف القانون مسلطاً فوق رأسه، عربيداً متى ما غابت المراقبة البشرية لهذا فإن الفيصل هنا ليست مراقبة البشر، ولكن مدلول الآية الكريمة (ألم يعلم بأن الله يرى..) زاوية أخيرة: كم من أناس يرتدون أفخر الثياب.. وأفئدتهم خواء... ودواخلهم خراب.. والناس من العروض ما تقيسها بي تيبانا، وما يهمك لباسم والعروض عريانه!!.