عجيب امر بعض الفنانين والشعراء والملحنين الكبار فى بلادنا الذين نطالعهم دائماً وهم يتحدثون عن قيمة الفن والابداع ورسالته التى تعلو ولا يُعلى عليها،ومع ذلك نراهم كل يوم وهم يركضون فى المحاكم والنيابات خلف الفنانين الشباب والاجهزة الاعلاميه ليطالبوا بحقوقهم الادبيه والماديه شاهرين سلاح قوانين الملكيه الذى تم تفعيله منذ فتره . اعتقاد خاطئ لدى عدد من الشعراء والملحنين وورثتهم بان القوانين التى تحمى حقوق المؤلفين والملحنين والمبدعين عموماً،هى فرصة مثاليه لترصد الفنانين الشباب والقنوات الفضائيه والاذاعات،ومطالبتهم بالتعويضات الضخمه،وأصبح معظمهم كمن يتحين الفرص من اجل الحصول على اكبر قيمة للاضرار التى لحقت بهم جراء التغنى بكلماتهم او الحانهم،وصاروا يديرون مؤشرات الاذاعات وريموت الفضائيات ويقتنون (السيديهات) بحثاً عن هذه الحقوق المفترى عليها،وانه والله لشئ محزن ان يتحول الابداع والفن فى بلادنا من (رسالة) لتواصل الاجيال الى (استثمار) يحاول عبره البعض التكسب من فنهم وابداعهم وتحسين اوضاعهم باقامة الدعاوى القضائيه،ومطاردة الفنانين والفضائيات فى المحاكم والنيابات دون حتى اللجوء الى الحلول الوديه،او توجيه الانذارات والتحذيرات لهم. اننا لا ننكر مطلقاً حق كل المبدعين وورثتهم فى الحفاظ على(ممتلكاتهم) بالطريقة التى يرونها مناسبه،ولا ندعو الشباب الى استسهال حقوق الناس واهمالها،وسنظل نطالب ابناء هذا الجيل باحترام حقوق الاَخرين وعدم التعدى على أعمالهم بغرض التكسب من ورائها،ومد جسور المحبة والتقدير معهم،وانتاج اعمالهم الخاصه،ولكن على الجانب الاخر فنحن ايضاً ضد ان يستغل الشعراء والملحنين والفنانين الكبار واصحاب الحقوق هذه القوانين لارهاق الشباب بالشكاوى والقضايا تحت مبرر انهم يتغنون باغنياتهم ويتكسبون من ورائها، ويمتطون السيارات الفارهه،وانها سبب هذا (العز) الذى يعيشون فيه،دون وضع حسن نوايا هؤلاء الشباب فى الاعتبار لان من يتغنى باغنية احد الكبار فان ذلك دليل اعجاب بها وتقدير لصاحبها وهذا ليس بالجديد على الفن السودانى منذ زمن الحقيبة وحتى يومنا هذا. ان الشعراء والملحنين والفنانين الكبار يتناسون حقيقة ان هؤلاء الشباب قد ساهموا بطريقة او باخرى فى ان تعرف هذه الاجيال اعمالهم،وفى ذلك فائدة لهم ايضاً،وقد ساعد هؤلاء الشباب (المتهمين) فى ان تتعرف الاجيال الحاليه على الحانهم وكلماتهم وابداعاتهم خصوصاً وان انتشار الفنانين الشباب حالياً فى الساحة الفنيه هو اكبر من انتشار الكبار.ان القوانين التى يستند عليها المبدعين الكبار وورثتهم فى اقامة الدعاوى على الفنانين الشباب واجهزة الاعلام تهدف فى الاساس الى حفظ حقوق المبدعين (الادبيه)،وليست كما يعتقد البعض بانها فرص استثماريه يمكن لهم ان يغتنوا من ورائها (مادياً)،وهذا هو مايحدث فى الواقع بدليل ان الحرص الدائم على التعويض (المادى) صار اهم من تثبيت حفظ الحقوق (الادبيه)،وهذا ما جعل معظمهم يلجأون الى الاتجاه الى القضاء دون حتى توجيه الانذارات القانونيه الى الفنانين ومطالبتهم بعدم التغنى باعمالهم،او تحذير الاجهزه الاعلاميه بعدم تكرار البث قبل مقاضاتها ورفع الدعاوى والمطالبه بمبالغ فلكيه تكشف عن ان القصد هو مادى بحت وليس لحفظ الحقوق الاخرى. اننا لاندافع هنا عن هؤلاء الفنانين الشباب بالباطل فنحن نؤمّن على حق اى متضرر باتخاذ مايراه مناسباً لحفظ حقوقه،ولكننا فى نفس الوقت نقول لكم الحقيقه التى بدأت فى الوضوح،وهى ان الكثير من الشعراء والملحنين والفنانين الكبار يتعاملون بقسوة مع حسن نوايا الفنانين الشباب،ويحرمونهم حق اعجابهم بمن سبقهم من الكبار،ويحاولون تصويرهم للرأى العام وكأنهم يعتدون على حقوق الاَخرين مع سبق الاصرار والترصد،ويسعى هؤلاء المطالبين الى ارهاب القنوات الفضائيه بمطالبات ماليه ضخمه،ويلجأون الى القضاء بدلاً عن السعى الى ايجاد الحلول الوديه،ويحتمون بحق حفظ الحقوق الادبيه والماديه لهم،وحماية تاريخ وارث ابائهم،ويشكون تضررهم من غناء الفنانين الشباب باعمالهم،رغم ان الامر ليس بهذا الشكل فهؤلاء الشباب اصحاب تجربة قصيره ومازالوا يتحسسون الطريق،ويحتاجون الى النصح والاحتواء والدعم اكثر من حوجتهم الى التأديب بارسالهم الى المحاكم واقتلاع التعويضات انتقاماً منهم على تعديهم على اغنيات الغير دون قصد منهم او تعمد... تحياتى..