أبدأ هذا المقال بعبارات وكلمات تسيطر سيطرة تامة على فكري وعقلي وقلمي، وأيضاً عاطفتي، وتود الانطلاق نحو الآفاق، والعبارة هي: (فلنتعاون جميعاً لتفعيل ثقافة الاحترام المتبادل)، ولا أقول على الطريق بين السائقين والسائقين، ولا بين السائقين والمشاة، ولا حتى بين المشاة والمشاة، ولكن أعني كل الناس في جميع المواقع، وكل الأوقات، لأنه لابد من احترام الرأي والرأي الآخر، وترسيخ قيم التشاور والتفاكر والتحاور والتعاون والتواصل، لحل المشاكل كل المشاكل مهما صغرت أو كبرت، وأرجو أن نعمل جميعاً بدون استثناء على تفعيل أطر وثقافة الاحترام المتبادل بيننا، لأنه الطريق الأمثل والأفضل لمعالجة السلبيات والمشاحنات والخلافات، وهي سبيلنا للعودة الى عاداتنا النبيلة، وإحياء تراثنا السوي الذي نعتز به، وحظينا به بفضل من الله سبحانه وتعالى على غيرنا من الشعوب.. وبهذه المناسبة أذكر أنني سافرت الى المملكة العربية السعودية، وبعد أن سعدت بأداء شعيرة العمرة، توجهت كالعادة الى السوق مع بعض الأهل لشراء بعض المستلزمات والأغراض والهدايا، وفي الأسواق استرعى انتباهي كثيراً كثرة سلام السودانيين لبعضهم البعض، الكل تعلو على وجهه اشراقات وبسمات، تتوجها تحايا المواطن لأخيه المواطن، والأخوُّة من ابن البلد لابن البلد.. فكلنا أخوان والسودان وطن الكل، وكلمة سوداني تعلو كالقمر في السماء، وظل الحال كما هو لفترات طويلة، احترام، وتقدير، ومحبة، وتواصل، وتعاون، لا لشئ إلا حب الوطن، وحب كل ما ينتمي للوطن، إنساناً ونباتاً وفاكهة وتمراً ولوناً وقبيلة وعشيرة.. هكذا نحن وياهو دا السودان.. ولكن وما أصعب كلمة(لكن) هذه، لأنه وبمرور الأيام والسنين والأجيال تغير الحال وانشغل الناس، اندثرت بعض القيم النبيلة، واستجدت بعض المفاهيم الثقيلة، وأصبح الهم هم النفس، والأسرة، والحياة، والمستقبل، وتبعات المعيشة كلها الشغل الشاغل، وشغلتنا أيضاً هموم الحاضر وتحديات المستقبل عن أفضل عاداتنا وأنبل قيمنا، وسيطر الجشع والطمع واللامبالاة على مشاعر البعض، فنمت الضغائن والكراهية والأنانية والجريمة المنظمة وغير المنظمة، فلا أحد يهتم بما كنا فيه، ولا أحد يهتم حتى بأقرب الأقربين، وهذه ليست نظرة تشاؤم أو شعور مبالغ فيه، بل هي الحقيقة أو هي نصف الحقيقة، وأتمنى أن تكون هي النصف فعلاً، وفوق هذا وذاك ألا تكون هذه المستجدات هي الحقيقة في الأصل، أو حتى جزء منها، نريد أيها الأهل، أهل الوطن الحبيب، أن نتعاون جميعاً لإحياء قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافة محبتنا المبنية على قيم ديننا الحنيف والأصالة والنقاء غريزة الحب والوفاء، وهو ما يدفعني الى المشاركة في محاولات إحيائها وتفعيلها تحت شعار.. فلنتعاون جميعاً على تنشيط وتفعيل ثقافة الاحترام المتبادل بيننا، لأنه زادنا وتراثنا ورصيدنا وغايتنا، وأفضل وسائل تعايشنا الأسري والقبلي والاجتماعي والوطني، وهو زادنا جميعاً.. وأضيف أن تجاهلها أو اهمالها أو تناسيها هو سبب كل ما نعانيه هذه الأيام من محن ومضايقات، ومشاحنات، واضطرابات، وانشقاقات قبلية أو جهوية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو فكرية أو ثقافية، بحجج كثيرة لا أود التطرق اليها.. وأقول وأتساءل عن الاحترام المتبادل على الطريق، ماذا يضير سائق عربة لو توقف لدقيقة أو دقيقتين للسماح بمرور بعض العربات من الطريق الفرعي، أو حتى الرئيسي، وماذا يضير البعض من التوقف لمرور بعض الطلبة والطالبات أو بعض المشاة، ولماذا الإصرار على عدم إعطاء أية فرصة للآخرين على الطريق أليس الطريق ملكاً للجميع؟ ولماذا يحاول البعض تفعيل ثقافة العناد والاصرار وعدم المبالاة على الطريق، وهذا يشمل بعض السائقين، وبعض المشاة أيضاً، ممن يلوحون بأيديهم أو أصابعهم طالبين أو آمرين الآخرين بالتوقف، وهذا يدعونا بتوجيه سؤال للجهات المختصة.. ما هي أسباب غياب خطوط عبور المشاة بالعديد من المواقع المهمة، مثل رياض الأطفال، والمدارس، والمساجد، والكنائس، وأمام الجامعات والمستشفيات، والعديد من المواقع المزدحمة، والأسئلة كثيرة، وسوف أتطرق اليها بإذن الله مع الجهات المعنية تباعاً في العديد من المجالات بهدف تفعيل أطر التعاون والتواصل، والمشاركة الفعالة والبناءة في كل ما يفيد المواطن والوطن، ويساعد على توفير المزيد من الأمن والأمان، وتنمية الحس الأمني والوقائي والقانوني، عبر معالجات ومقترحات ورؤى تلبي تطلعاتنا جميعاً وتجدد أوجه عطائنا الممتد بإذن الله.