بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للسودان يكون قد حرك ساكناً في العلاقات السودانية الإيرانية بعد فترة من عدم الحراك السياسي بين الدولتين وسط العديد من المواجهات السياسية فالسودان خرج من معركة السلام بانفصال جزء من ترابه بعد حرب طويلة ومعارك شرسة وتحديات دولية عديدة وإيران واجهت أيضاً تدخلات غربية وأمريكية تجاه برنامجها النووي وسياساتها في المنطقة. صب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد جام غضبه على الولاياتالمتحدةالأمريكية والكيان الصهيوني وحذرهما من نهاية شرورهما على حد وصفه على أيدي الموحدين والمؤمنين قريباً من الشعوب المقهورة في العالم، وندد نجاد بالسياسات الأمريكية الاستكبارية ببزوغ فجر جديد ونسيم جديد يبسط العدالة والحرية وفق منهاج الرسالة المحمدية وقال نجاد خلال محاضرته التي نظمها الاتحاد الوطني للشباب السوداني واتحاد عام الطلاب السودانيين بقاعة الصداقة قال «إنني أوجه نصيحتي للقوى الغاشمة بأن تذهب بعيداً ولا تنسى أن تأخد ربيبة أمريكا الكيان الصهيوني معهم ووصفهم بالأقلية الفاسدة. كما أمن على دور الجمهورية الإسلامية في مساندتها لليبيا وتونس ومصر والسودان دون شرط أو أذي. واشاد بصمود السودان واستبشر خيراً وقال إن الشعب الإيراني يقف مع شقيقه السوداني حتى النهاية وأضاف الغرب وأمريكا يكيلون بمكيالين احدهما الدعوة للديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان والثانية دك المساكين أينما كانوا وآخرها ما وصفه نجاد بحادثة الحادي عشر من سبتمبر وقال إن مثل هذه الأعمال الساذجة لا تنطلي علينا طالما كنا مؤمنين ومتماسكين داعياً المسلمين للتضامن والوقوف بقوة في وجه الاستكبار مشيراً الى أن الكيان الصهيوني قد حان موعد انهياره وندد نجاد بما تقوم به أمريكا من زرع للفتن هنا وهناك واستغلالها للأوضاع بغرض بيع السلاح خاصة في افريقيا وعملوا على «شفط» الثرواث فيها، وأكد على ان كل ديكتاتور في افريقيا وامريكا اللاتينية وآسيا كانت وراءه أمريكا. وعبر الرئيس الإيراني عن سعادته بالزيارة التي قام بها الى السودان معتبراً إياه أرض الاديان والقرآن وأرض الصمود والبلد المتقدم في الحركة الثورية. منوهاً الى الظرف الحرج ومن منطلق الواجب المشترك والمصير الواحد كانت زيارته الى السودان. من جهته حيا د. مصطفى إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية الثورتين السودانية بقيادة محمد أحمد المهدي والإيرانية بقيادة الإمام الخميني مؤكداً أن هدفهما كان واحداً وهو الوقوف في وجه الاستكبار والاستبداد واعداء السلام وأمن على ان زيارة الرئيس محمود احمدي نجاد تأتي في ظل الثورات العربية والتي طالبت بوضع حدٍ للتبعية المذلة، واحيت روح القضية الفلسطينية، بأعتبارها قضية المسلمين الأولى. وفي تصريح ل «آخر لحظة» قال المتحدث باسم الخارجية العبيد مروح إن الخارجية ترحب بالزيارة وتعتبرها خطوة ناجحة في اطار العلاقات السودانية الايرانية وان الاغراض لها تكمن في التعاون السياسي والاقتصادي بين الدولتين والذي يبشر بمستقبل جيد مشيراً الى أن العلاقة الاقتصادية أقل من الطموحات لكن بتوقع العديد من الاتفاقيات يمكن ان يرتقى بها الى مستوى رفيع ومتقدم.. وقال إن السودان وإيران في خندق واحد ويجب ان يكونا كذلك في مواجهة العدو وإن الشيعة والسنة يواجهان عدواً واحداً يحاول أن يضرب هذه العلاقة مشيراً الى ان السودان يعمل بمنهج التقريب بين اهل القبلة الواحدة ويمكنه لعب هذا الدور ولا يمكن ان يفرض رأيه على الآخرين ولا الآخرين يمكنهم فرض رأيهم ونوه أن على الجميع عدم الاستماع الى حديث الخلاف المذهبي والعمل على وحدة الاسلام لجعلهم اكثر اتفاقاً ولا يكون الحديث عن الشيعة والسنة مدخلاً للاختلاف!! فيما أكد الساعوري استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم أن العلاقات السودانية الإيرانية قديمة .. وكان يتوقع ان تتدرج حتى تصبح علاقات قوية بحكم الدين الواحد وبحكم ان الطرفين مواجهان بعدو واحد هو أمريكا والغرب واضاف أن السودان وايران جمعت بينهم ثلاث وحدات لو استغلت سياسياً لكانت العلاقات اكثر متانة فهنالك وحدة الدين ووحدة العداء الأمريكي ووحدة المصالح الاقتصادية المشتركة وقال إن السودان من اوائل الدول التي ايدت الثورة الايرانية وخرجت الجماهير تهتف «إيران، إيران في كل مكان» في مظاهرات جابت شوارع الخرطوم وحينها الخميني لم يصل حتى طهران وهذا تاريخ على إيران أن لا تنساه!! ولفت الساعوري إلى أن العلاقات السودانية الايرانية يجب ان تكون قوية في مجال التنمية والتعاون الاقتصادي لأنها شهدت تراخي وعدم تعاون واضح خاصة بعد أن أغلق السودان المركز الثقافي الايراني بعد ظهور ثقافة المذهب الشيعي وتوارد الأخبار عن نشاط المركز في بثها في السودان مما ادي الى توقف مشروع طريق الرنك ربك الذي لم ينته بسبب توقيف نشاط المركز. وقال إن ايران ساعدتنا كثيراً في المحافل الدولية وكذلك السودان حيث ساند الرئيس البشير حق ايران في امتلاك القوة النووية مثل غيرها من الدول الأخرى واستدرك قائلاً لكن هذه المساندة يجب ان تتخطى الى مرحلة تعاون اقتصادي دون حواجز بسبب الدبلوماسية الخارجية لايران القائمة على الايدلوجية الشيعية . فمن المعروف أن سياسات ايران الخارجية تقوم على دعم الدول ذات الثقل الشيعي مثل البحرين ولبنان وسوريا وتتعامل بدلوماسية هادئة وعادية مع الدول السنية. والسودان منها لذلك أتوقع أن تغير إيران من سياستها تجاه السودان بأن تزيد من تعاملها الاقتصادي في الكثير من المشاريع وهي تملك الإمكانات الضخمة والسودان لديه الموارد الطبيعية وفرص الاستثمار الكبرى وكمدخل لها في القارة الأفريقية خاصة بعد احداث التطورات العربية التي غيرت من الولاءات القديمة والتحالفات التي كانت قائمة وإيران لها علاقاتها مع دول الشام (لبنان وسوريا)!! وأشار د. الساعوري إلى أن التعامل يجب ان يكون من منطلق اننا مسلمون بصورة عامة فالمسلمين اخوة سواء كانوا شيعة أو سنة منوهاً بان العلاقة اذا لم تتجاوز هذا المربع الاختلافي في المذهب الاسلامي لن تكون قوية ومتطورة وقال ان هذه الزيارة ستكون بداية لعلاقات سياسية واقتصادية جيدة في ظل الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بالدولتين الآن!! البيان الختامي المشترك وخلص البيان الختامي لزيارة رئيس الجمهورية الإيرانية للسودان إلى العديد من النقاط اهمها استعداد الجانب الايراني لنقل خبراته في الحقول العلمية والصناعية للسودان لاسيما الخدمات الفنية والهندسية. عقد اجتماع في وقت قريب للهيئتين السياسية والاقتصادية المشتركة للتعاون، أعلن الجانب الأيراني إقرار السلام والاستقرار في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق داعياً الأطراف المنتاحرة في المناطق لطي الخلاف وإعادة الهدوء إلى مناطقهم. أكد الجانبان على إقامة نظام عالمي جديد يقوم على العدالة واحترام حقوق الشعوب ونددا بنظام الهيمنة السائدة في العالم. اعتبر الجانبان القضية الفلسطينية أهم الأولويات الإقليمية والدولية وابديا دعمهما لكافح الشعب الفلسطيني وتبقى المصالح المشتركة التي تجمع الدولتين هي الأساس والذي يمكن العمل عليه في ظل الهجمة الشرسة التي يواجهانها وبتفعيل ما ورد من نقاط مهمة في البيان يمكن القول إن الزيارة سوف تثمر نتائجها في المستقبل القريب وخاصة الجانب الاقتصادي والذي فيه التنمية والاستقرار والتقدم!!