لدى سؤال خارج من عباءة الصمت ، هل يكتب أصحابنا الشعراء عن زوجاتهم ، أم أن نزيفهم الرومانسي الذي نسمعه من حناجر المطربات والفنانين مجرد زوبعة في فنجان ، وصادر عن تأوهات من خلف الكواليس ، إجابة هذا السؤال وجدتها ذات مساء لدى شاعر ضخم ، إلتقيته بعد سنوات طويلة ، سألته عن مجريات حياته ، كان الرجل يخاصم الأناقة وبدأ أكبر كثيرا من عمره ، شعرت أنه يعيش في أزمة فارطة ، الرجل إعتدل في جلسته ومسح بقايا لحيته النابته للتو وقال هامسا طلقت كتابة الشعر بالثلاثة ، لم أعد اشعر إنني ذلك الفتي المفتون بالعشق والراكض في بيادر الوله ، طبعا لم أستوعب كلامه تركته يفضفض ، وخلصت حكايته أن زوجته اللئيمة كانت في بدايات إرتباطهما رومانسية حد الإدهاش ولكنها في النهاية قلبت له ظهر المجن وكانت السبب الرئيس وراء هروبه من بيادر الشعر والذي منه ، ومضى صاحبنا يفضفض أن دفاتره وجهاز الحاسوب الخاص يخضع يوميا لمحاكم التفتيش من قبل زوجته ، لضبط النصوص الرومانسية المهربة، وفي حالة إكتشافها نصوصا جديدا ، يخضع الرجل حسب قوله لأسئلة لا تنتهي عن محرك الحب الذي جعله يكتب تلك النصوص ، وفي النهاية أخذها من قصيرها وهجر الكتابة حتى إشعار آخر ، قصة صاحبنا الشاعر المتقاعد « غصبا » عنه تؤكد أن الحب الرومانسي لم يعد له وجود في الدنيا ، وأن زمن الأرق والسهر على طاقة الحلم بانتظار الحبيبة لم يعد له وجود في هذا الزمن الرمادي التعيس ، عموما دعونا من الحب الرومانسي وتعالوا نرجع إلى دنيا الواقع والحراك السياسي ، لأن الظرف الراهن في السودان يدعونا إلى فتح هذا الملف الساخن ، بالأمس القريب شاهدت من قناة فضائية عربية الإستقبال المهول للرئيس الإيراني والوفد المرافق له لدى زيارته السودان وكدت ان أصاب بغيبوبة الصدمة ، وسألت نفسي الأمارة بالسوء هل أن الشعب السوداني العفوي والذي يعيش في أزمات متواصلة يحب الإيرانيين إلى هذا الحد ، ثم سؤال آخر أكثر حدة من نظيره من يا ترى الرجل الجهبز أو الرجال الصناديد الذين تمكنوا من إخراج تلك الحشود لصناعة ذلك السيناريو الذي سيحرج السودان كثيرا أمام أشقائه الخليجيين والعرب الذين تناصبهم إيران العداء عديييل كده ، أقول قولي هذا وأعرف تماما أن هذه الفضفضة ستجعل الدم يغلي في عروق البعض ، ولكن لا أتصور أن هؤلاء وطنيون أكثر من العبد لله صاحب النفس الأمارة بالسوء ، المهم لا غبار أن يبحث السودان عن حصة في الإستثمار مع إيران ولكن ماذا بعد الإستثمار؟ وأقطع لساني بمنشار أن الإيرانيين لن يدخلوا مستثمرين فحسب وإنما سيدخلون السودان ومعهم روزنامة من البحث عن حصة لتمرير معتقدهم إلى فضاءاتنا السمحة ، وربما في الغد نشهد الكثير من الحوزات وأصحاب العمائم السوداء من السودانيين ، مثل ذلك الثور صاحب القرون وبعدها دقي يا مزيكة حسب الله .