يبدو أن الخروج عن الكتابة في الشأن السياسي يجد صدى وقبولاً لدى أغلب قراء الأعمدة والزوايا الصحفية الراتبة، وفي هذا دلالة على أن الناس سئموا التكرار الذي لا يقود إلى نتائج والذي أصبح مثل الحرث في البحر، أي بذور نصح وكلام يأخذه موج البحر.. دون رجعة. كتبنا بالأمس عن تكريم الكابتن ياسر الصفي، فوجد الأمر هوى لدى الكثيرين الذين نعرف ردة فعلهم من اللقاءات أو المحادثات الهاتفية أو من خلال البريد الالكتروني أو العادي.. وكتبنا قبل ذلك يوم (الجمعة الماضية) عن المرأة المثالية استناداً على خبر تلقيته في صندوق بريدي الالكتروني عندما بدأت في تصفحه عن زواج امرأة (مليارديرة) في الخامسة والثمانين من عمرها برجل يصغرها بنصف قرن، وقد نشرنا خبر الزيجة في ذات اليوم مع صور الزوجين خاصة العروس التي كانت ترقص بنشاط واضح رغم احتجاج ابنائها وبناتها وأحفادها وحفيداتها. احتفال تكريم الكابتن ياسر الصفي الذي جاء من قبل وزارة تنمية الموارد البشرية ووزيرها الأستاذ كمال عبد اللطيف، كان مساء الجمعة، أي يوم نشر العمود أو الزاوية والخبر، فوجدتُ أكثر من التقيتهم في الحفل يحدثني عن ذلك الموضوع، حتى أن أحد الأصدقاء، وهو مسؤول رفيع سألني- إن كنت أعلم- عن الأسباب التي تجعل الرجل سعيداً في حياته الزوجية، خاصة إذا كان رجلاً عاماً.. ولم أجد ما أقوله له سوى ما تلقيته في بريدي الالكتروني في ذات اليوم الذي تلقيت فيه خبر زواج المرأة الثمانينية المليارديرة التي إقترن بها زوجها (الثالث)- على ما يبدو- لمالها وليس لجمالها أو دينها لأن الصورة.. واضحة.. وفاضحة.. ما علينا.. قلت لمن سألني ذلك السؤال إن مفتاح سعادة الرجل في يد المرأة وفق النصائح المسداة إليها في تلك الرسالة التي تلقيتها وتلقاها الملايين غيري عبر الانترنت، وهي تؤسس للعلاقة الزوجية منفصلة عن علاقات القربى أو الزمالة أو الجيرة لأن لأيٍ من تلك العلاقات شكل من أشكال المعاملات يختلف عما سواه؛ وتجيء أولى النصائح للمرأة بأن تبتعد عن الغيرة بحسبان أن أهم ما يزعج الرجل هو شعوره بأنه محاصر، وهو ما قد يقبله في بداية الأمر لكنه سيضعه في اعتباره في مرحلة تالية. ثم.. تجيء النصيحة الثانية وهي ضرورة الابتسام في وجه الزوج، لأن الرجل لا يريد (النكد) ولا (التكشيرة) خاصة لحظة دخوله إلى بيته وإلا فإن الحياة ستصبح جحيماً لا يطاق بالنسبة له، فيخرج ذات يوم.. ولا يعود. وتقول النصيحة الثالثة- مخاطبة المرأة-: (لا تتحدي رجولته) ويتم تفسير ذلك بأن ذلك قد يكون مقبولاً، بل ضرورياً لتتعامل المرأة مع زميلها في العمل بمساواة تامة لكن مع الزوج الأمر سيكون مختلفاً ومنفراً لأن الزوج يريد أن يشعر بأنه الرجل و (صاحب الكلمة) ولن يقبل بذلك حتى وان إدعى غير ما يقول. ثم تجيء نصيحة رابعة هي المحافظة على رزانة العقل لأن الرجل يحب المرأة الذكية التي لا تتعامل بردود الأفعال التي قد تتصف أحياناً بالحمق والرعونة نتيجة فقدان الأعصاب، ثم تجيء النصيحة الخامسة بضرورة (الثقة بالنفس) وعدم التنازل عن ذلك حتى لا يشعر الرجل بأن المرأة التي اختارها ضعيفة، ولكن على الزوجة أن تبتعد عن الندية لأن الرجل يحب دائماً أن يكون هو (الأقوى) وهذه هي طبيعته وتركيبته التي لن تتغيّر.. ثم يحمل (منفستو) النصائح نصيحة أخرى للمرأة بأن تبتعد عن الثرثرة وأن تتجنب الكلام بدون داعٍ، لأن الرجل في مثل هذه الحالات لا يستمع إلا للعبارات الأولى، ثم يفقد تركيزه، وربما قال في نفسه- وهذه مِنِّي-: (يا لها من امرأة نقناقة)!.. وتجيء نصائح أخرى على شاكلة (أعطيه مساحة شخصية) لأن الملل قد يتسرب إلى نفسه إذا لم يحظ بمساحة شخصية يقضيها مع أصدقائه أو لممارسة هواياته التي يحبها.. ونصيحة أخرى مثل (اعتدلي في اهتمامك به) أي مراعاة مشاعره وشؤونه العامة ولا تنشغلي بأمر غيره في حالة وجوده، لكن دون التدخل في تفاصيل حياته. وآخر وأهم النصائح (راعي مقدرته المادية).. وهذه مفهومة وأحسب أنها أس المشاكل لأن العجز أمام توفير كل المتطلبات هو سبب البلاء.. والفراق. نظر إليَّ الرجل طويلاً في عيني.. ولم يقل شيئاً.. لكنني أضفت له جملة صغيرة أعادت إليه الابتسامة، فقد قلت له إن أعظم وصية للمرأة هي وصية إمرأة النعمان بن المنذر لابنتها عندما أرادت أن تزفها لزوجها، وان أبلغ ما في تلك النصيحة جاء في جملة قصيرة ومفيدة، هي: (كوني له أمةً.. يكن لك عبداً).. والله ورسوله أعلم.