الأستاذ علي محمود.. وزير المالية.. ونرسل لك من السلام ألواناً ومن الود أطناناً.. وصدر قصيدتنا.. قسم لو تعلم عظيم.. ودعني أقول.. إنه ورب البيت..كنت وأتمنى أن أظل متعاطفاً معك إلى درجة.. تكاد تعصف بي إلى ردهات النادي الكاثوليكي.. الذي أسأل الله دوماً أن يباعد بيني وبينه بعد المشرق من المغرب.. وتعاطفي لا شأن له بأي علاقة شخصية.. وما أبعد الوطن طولاً وشموخاً وعمقاً وعرضاً عن علاقات إنسانية.. أو جهوية أو أسرية أو زمالة.. أو جيرة.. فأنت تعرف.. وأنا أعرف.. وها أنا أعلن الجميع أننا لم نلتق قبل ذلك مطلقاً.. ولم نشاهد بعضاً أبداً.. ولا نتعارف أبداً.. فقط تعاطفي معك هو أنك قد كسرت طوقاً حديداً.. وهدمت حوائط فولاذية شاهقة تحول بين وزارة المالية.. وأي فرد من أي إقليم ناءٍ مهمش وبعيد.. تمنيت لك النجاح.. والتوفيق.. حتى يعلم أولئك المفصلة على مقاسهم «بدلات» الوزارات الهائلة.. وكأن حواء لم تنجب غيرهم.. وكأن هذه الوزارة.. حرام إلا على «وجوه» بعينها.. ثم.. نذرت للرحمن صوماً.. ولم أكلم عبر الحرف والكلمة والمقال انسياً.. في كل مرة تنكبت أنت فيها الطريق.. أو أخطأت خطأ جسيماً.. صمت وأنت تأتي أمراً فرياً في حادثة الصحفي والمستند.. ثم «جرجرة» الصحفي.. وتلتله ثم بهدلته.. ودعني أعترف أن صمتي كان صمتاً معيباً بل جباناً.. بل كان دفناً بيدي لمهنيتي.. وصدقي.. واحترام ذاتي.. كل العزاء.. أني ما كنت أود زيادة النار اشتعالاً.. ولا الإعمال في جسدك طعناً وتجريحاً وسناناً.. لأني كنت أود أن ينجح «أولاد» الأطراف البعيدة في إضاءة المصابيح.. في المركز.. ثم صمت مرة أخرى.. عند موقعة «الكسرة» التي لم يسبقك عليها أحد عبر كل التاريخ الإنساني.. غير ماري انطوانيت.. ثم كتبت في مرة ثالثة وأنا أتحدث عنك.. إن وزير المالية «المستهدف» كنت أظنك مستهدفاً.. والآن.. بل اليوم فقط أدركت وتيقنت أنك فعلاً وحقيقة مستهدف.. ولكن الذي يستهدفك في أسف وأسى هو شخصك ولا أحد غيرك يستهدف السيد علي محمود وزير المالية والاقتصاد الوطني.. لك أن تسألني.. كيف يستهدف السيد علي محمود.. السيد وزير المالية علي محمود.. ولك أجيب.. و «أوريك» شأواً بعيداً.. ومساحة شاسعة قد طويتها ركضاً لتستهدف نفسك كان ذلك وأنت أمام بعض الصحفيين الذين سألوك في فزع عن الانهيار الاقتصادي وهل وصلت أمواج تسونامي شواطيء البلاد.. كان ردك صاعقاً ومزلزلاً كان بالنص.. «انهيار الاقتصاد كلام فارغ وفيل الغلاء غير مرئي لأن ارتفاع الأسعار وعكة موسمية.. وانتو ما فطرتو». وليتني- سيدي الوزير- كنت مع هؤلاء الصحفيين.. وأقسم بالذي رفع السماء بلا عمد لأجبتك صادقاً نعم لقد فطرنا بسندوتش طعمية.. لكن أنت فطرت بي شنو؟؟ ثم أواصل.. نعم نحن وأنت قد «فطرنا» ولكن دعك من الذين ينتشرون في الوهاد ووراء التلال والجبال.. دعك من الذين طمرت بيوتهم الرمال.. دعك من الذين يسكنون في الأكواخ الكرتونية والغرف الطينية الآيلة للسقوط.. دعك من الذين يبعدون عن القلب والعين.. عن المركز وأضوائه وترفه وبذخه.. دعك من المدينة العاصمة المغرورة المتعجرفة المتكبرة.. دعك من كل هؤلاء.. واذهب إلى ضواحي أمبدات.. والبيوت المتناثرة بعيداً عن الثورات.. وتلك القرى في أطراف الكلاكلات.. والشقلات الأم درمانية والبحراوية هناك بعد الحاج يوسف.. تجد أن الآلاف المؤلفة.. لم يفطروا.. وقطعاً لن يتغدوا.. ويقيناً لن يتعشوا.. ثم أي اقتصاد ذاك الذي يقاس بارتفاع أسعار السلع بالوعكة الموسمية هنا يا سيدي ليس الحديث عن «البطيخ» والطماطم و«البامية» والفلفلية.. هنا الحديث عن البورصات وأثمان وأسعار السلع الإستراتيجية بالطن.. واليورو.. والدولار.. ونسألك.. هل تشاهد الآن.. جموع الأمريكان وهم يحاصرون بل يطلبون إسقاط وول استريت.. معقل المال والأغنياء والبورصات.. وإذا ضرب الكساد والانهيار الاقتصادي أمريكا.. وأوربا.. وبالأمس يضخ البنك المركزي البريطاني مئتي مليار استرليني.. كيف أنتم في الشاطيء الآمن من العالم.. وختاماً.. نصدقك أنت أم كرتي.. أم تلفزيون السودان.. أم كل تلفزيونات الدنيا.. لك الود والسلام..