الأحبة الإنقاذيون.. وما زالت محاكمتكم منعقدة.. وما زالت نذر قيامتكم تطل برأسها في إبانة وايضاح.. وما زلنا عند حديث المعصوم نبي الله الذي لا ينطق عن الهوى.. إنما هو وحي يوحى.. نقرأ وصيته.. بل خوفه على تابعيه من المسلمين وهو يحذرهم من ذهاب ريحهم وهلاكهم.. كل ذلك عندما جاء أبو عبيدة حاملاً الجزية من البحرين.. والأنصار فرحين مسرورين من هذا المال العظيم.. ليقول لهم النبي إنه يخشى عليهم من فتنة المال وإقبال الدنيا وليس خشيته عليهم من فقر ولا مسغبة.. وها نحن ننظر إليكم حكومة ومؤتمر وطني.. وقادة.. وكيف يجري المال بين أيديكم.. وكيف انفتحت فجأة كنوز الأرض لتصب في قنواتكم.. ننظر ونرى ترفاً.. ورفاهية وعزاً.. ننظر الفاره من السيارات.. والفخيم من البنايات.. والكثير.. على الأقل أكثر من واحدة من الزوجات.. ننظر ونرى أن المال وحده هو الذي يقرِّب إليكم كل نافر أو متمرد.. وأن عصب الحكم هو فقط عصب المال.. لذلك نخشى عليكم.. ولو قرأت المعارضة هذا الحديث النبوي الشريف ولو تمعنت في حروفه المطهرة وكلماته المتنبئة لو عرفت كل ذلك لما أخذها برهة من شك أن هذا الحكم وبحالته الراهنة حتماً إلى زوال.. وكلمات صادقات للإنقاذ.. اعلموا أن الخطر عليكم تالله ليس من المعارضة.. ولا من أي تظاهرات.. ولا من العملاء والخونة والطابور الخامس.. ولا من التمرد ولا حتى من دول الاستكبار ولا حتى من «النيتو» ذاتو.. إن الخطر عليكم هو ذاك التنافس المحموم على الدنيا.. وحتماً تهلككم كما أهلكت قوماً من قبلكم.. وبمناسبة الأموال وبسط الدنيا.. ما هذه البدعة الجديدة التي لم يسبقكم عليها ملك أو رئيس أو جنرال.. بل لم يسبقكم عليها نظام ملكي أو أميري.. أو حتى إقطاعي أو جمهوري.. وهي بدعة مال التسيير.. وحديثنا اليوم وفي هذا الأمر نوجهه مباشرة إلى السيد وزير المالية.. بل هو سيل من الأسئلة غزير.. أولاً.. هل هناك حقيقة مال يسمى بمال التسيير.. والذي نعرفه عن مال التسيير.. هو مبلغ من المال.. بالملايين.. يوضع تحت تصرف الوزير أو الدستوري أو الوالي.. أو المعتمد.. ينفقه أو يوزعه كما يشاء تحت مظلة تسيير الوزارة أو الولاية أو المعتمدية.. السؤال الثاني هل يخرج ذاك المال من وزارة المالية بعد أن يستوفي كل شروط الحساب والمحاسبة ووفق مستندات قابلة للمراجعة شأنها شأن أي مال عام السؤال الثالث.. هل يصرف ذاك المسؤول المال.. وفق مستندات قابلة للمراجعة شأنها شأن أي مال عام.. كل هذه الأسئلة وكل هذا الحديث.. قد اجتاح عقولنا كما العاصفة قبل أشهر كان قد ظهر على العلن وعبر صحف.. تحدثت عن مبلغ من المال.. وكان تحديداً مائة وخمسة وستون مليون جنيه «بالقديم» وضع هذا المبلغ تحت تصرف إحدى الوزارات الإتحادية وكانت العاصفة الأكثر هبوباً بل كانت إعصاراً.. هو أن مسؤولاً كبيراً في تلك الوزارة قد قال إنه لا يعرف حتى قيمة المبلغ.. وأن مسؤولاً مرؤوساً لذاك المسؤول هو الذي «يوزع» ذاك المبلغ.. سيدي وزير المالية.. نسألك بحق السماء هل هذا يمكن أن يحدث في بقعة في كل هذا الكون الفسيح.. ولماذا التسيير.. وما هو شكل ونوع ذاك التسيير.. ولماذا ينفق أي وزير أو مسؤول المال مال الدولة.. والذي هو مال الشعب «على كيفو».. لماذا لا يعطى الفقراء والمساكين والمحتاجين.. وما شأن كل الوزارات باستثناء وزارتي الرعاية الاجتماعية والإرشاد.. بالمساكين.. والمحتاجين.. إنها ثغرة أحدثت عمداً ليتسرب منها المال بلا حساب ولا محاسبة.. إن ذلك يدخل تماماً في دائرة لعنة المال.. واختلاطه بالحكم.. وينطبق عليه تماماً روح الحديث الشريف الذي تحدث عن فتنة المال.. نحن لم نفتري ولم نبهت الإنقاذ مطلقاً لأننا نرى أن المال من أهم أدوات أو أسلحة معاركها مع خصومها وأن المال كثيراً ما كان جزرة لكل فم طامع و «عشمان».. ولكن يبقى مال التسيير إذا كان حقيقة يمنح ويصرف بالذي في ظننا.. يبقى هو أشد الأسلحة فتكاً وهو بيد الإنقاذ موجهاً في الوقت ذاته إلى جسد الإنقاذ..