انخرطت منذ صبيحة اليوم التالي لوصولي إلى العاصمة الأثيوبية «أديس أبابا» في جو العمل المحكم الإطار والذي يصعب الفكاك منه، فقد وصلت مساء الأحد، لأدخل منذ التاسعة صباح الإثنين في التهيئة العملية للمشاركة في تغطية أعمال مؤتمر أفريقيا والاقتصاد الأخضر، الذي بدأ صباح أمس، وينتهي مساء السبت القادم، وذلك من خلال ورشة عمل إعدادية للصحفيين المشاركين والذين يمثلون أكثر من ثلاثين دولة أفريقية، وقد استمرت ورشة العمل التي انعقدت في قاعة الاجتماعات رقم «6» في مركز الأممالمتحدة للمؤتمرات بأديس أبابا، استمرت من التاسعة صباحاً وحتي السابعة مساء، إلا من استراحتين قصيرتين لتناول الشاي ثم الغداء. تحركنا صباح أمس منذ الثامنة عن طريق الحافلة التي وفرتها لنا الجهة المنظمة للمؤتمر «الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي» لنكون في مركز الأممالمتحدة للمؤتمرات عند الثامنة والنصف تقريباً، وقد تم نقل الصحفيين على دفعتين، وقد وجدوا اهتماماً كبيراً من منظمي المؤتمر منذ أن وصلوا إلى أديس أبابا، وتم استخراج البطاقات وتوزيع البرنامج وأوراق ورشة العمل لهم منذ صباح أمس الأول الباكر. في فترة الاستراحة الأولى، دخلت إلى المركز الصحفي لإرسال رسالة صحفية، إلا أنني لم أتمكن من ذلك عن طريق الانترنت، إذ أن لوحات المفاتيح في الأجهزة لم تكن معربة، فاضررت الى قراءة الصحف وأولها آخر لحظة ثم تصفح البريد الالكتروني، وقد وجدت خبراً مهماً له علاقة قوية بوجودنا هذه الأيام في العاصمة الأثيوبية، وهو خبر زيارة وزير المياه ومصادر الطاقة الأثيوبي «المايو تيجينو» لسد مروي، برفقة وزير الكهرباء والسدود، الأستاذ أسامة عبد الله، وقد قال الوزير الأثيوبي في تصريحات صحفية، إن السودان هو صاحب المنفعة الحقيقية من سد الألفية الأثيوبي الجديد، لأنه يقع على الحدود السودانية الأثيوبية، كما أن مصر ستكون مستفيدة من ذلك السد، لأن قيامه يعني الحماية من الفيضانات، ويعني حجز الإطماء الذي يعيق إنتاج الكهرباء في سدود السودان، إضافة إلى أنه يقلل من نسبة التبخر، الذي تتعرض له مياه النيل في المجرى الرئيسي، وفي منطقة بحيرة السد العالي. وبشر الوزير السوداني أسامة عبد الله، بالربط الكهربائي المشترك بين السودان وأثيوبيا خلال أشهر قليلة. من المصادفات الغريبة، أنني التقيت بأحد الخبراء الأفارقة صباحاً، وتحدثت إليه في قضية السدود، وعرفت منه أن في العالم سبعة آلاف سد، وأن التنمية ارتبطت بالطاقة، لكن بناء السدود الآن أصبح مكلفاً، وقد تقلل تلك التكلفة من جدوى الكهرباء المنتجة من كثير من السدود، إذا تم إنتاج الكهرباء من الغاز. أخذت تلك المعلومات، وطرحتها على الدكتور بابكر عبد الله إبراهيم، وهو عالم وخبير ومختص بشهادة الدولة ومؤسساتها، وأفريقيا ومنظماتها، وسألته تحديداً عن سد الألفية، فقال بصدق العلماء وتجردهم إن تنفيذ هذا السد إذا تم سيصبح مثل القنبلة النووية بالنسبة للسودان، لأنه إذا تم ضربه أو حدث له انهيار فإن ذلك سيسبب مشكلة تقضي بإغراق كل البلاد، لأن الفيضانات في الأحوال العادية تؤدي إلى إغراق الأراضي والدور والمزارع، ثم أضاف قائلاً إن سد الألفية أذا تُرك سيكون أيضاً مشكلة، لأنه سيصبح ورقة ضغط لدى أثيوبيا تجاه السودان في أي وقت، والأوضاع السياسية ليست على ثبات دائم. إذن ما هو الحل؟.. هكذا جاء تساؤلي ليجيب الدكتور بابكر بأن مثل هذا السد يجب أن يتم قيامه بناء على اتفاق بين أثيوبيا والسودان ومصر، وأن يكون اتفاقاً موثقاً فيه ضمانات عالمية لعدم ثبات السياسات وتغيّر الأنظمة، وتأثر بعضها بإملاءات خارجية، لأنه إذا لم يتم الاتفاق الموثق، فإن من المشكلات المتوقعة، تأثر الزراعة باختلال المواقيت إذا تم التحكم في مياه السد.. لذلك لا بد من وجود «ريجيم» يقضي بمنح الدول المستفيدة القدر الكافي الذي تحتاج إليه من المياه. أديس أبابا - 25 اكتوبر 2011م