الزواج ليس هو المستقبل فقط وإنما هو الماضي أيضاً فمن الطبيعي أن تكون عين الإنسان على المستقبل دائماً ولكن في الزواج فإن عيون الزوجين تكون على الماضي أيضاً إنهما يهتمان بالماضي مثل اهتمامهما بالمستقبل والماضي معناه جذورهما امتدادهما إن مرور الأيام على الزواج هو عمق الزواج جذوره امتداداته وهذا هو ما يعطيه الصلابة والاستمرارية والثبات والخلود هذا هو ما يعطي الزواج قدرته على الامتداد في المستقبل والزواج هو العلاقة الوحيدة بين رجل وامرأة التي لها جذور حقيقية جذور صحية جذور أصيلة صادقة مخلصة وفية طاهرة والجذور هي الذكريات الثواني والدقائق والساعات والأيام والليالي والشهور والسنون الجذور هي العمر الذي مضى وكما أننا نسعى الى المستقبل نمشي الى المستقبل فإننا أيضاً في الزواج نسعى الى الماضي نمشي إلى الماضي نلجأ الى الماضي نعيش الماضي إنها الذكريات الرصيد الثروة أمان المستقبل الثقة الطمأنينة الارتكاز الاعتماد الاستمتاع كثيرون يبدأون أول لحظة من زواجهما وحياتهما المشتركة بالصلاة والمعنى بليغ وعميق المعنى أننا نبدأ صفحة جديدة من حياتنا عنوانها الطهارة، إن الحياة الزوجية هي حياة الطهارة طهارة النفس والبدن وطهارة النفس من طهارة البدن وطهارة البدن من طهارة النفس والطهارة هي الفطرة الأصيلة للإنسان والتقرب إلى الله يقربنا من طهارة النفوس والأبدان ومن الطهارة تتفرع كل سمات ومميزات الزواج ولذلك تشمل نفس الإنسان سكينة رائعة وهو يعيش حياته مع رفيق عمره يغمض عينيه وينام في سلام يمشي ثابت الخطى مطمئن البال وعيناه متجهتان للأمام يلوح على وجهه الرضا والطمأنينة ونعيم الثقة والإنسان يشعر بمعنى الحياة وجمالها ويتذوق عطاءها ويستمتع بأيامه إذا كان يعيش علاقة وفاء إنّه يشعر بوجوده وقيمة الإنسان وضرورة الاستمرار هذا هو التأثير الإيجابي للزواج على حياة الإنسان بشكل عام تتفتح له آفاق جديدة في عالم المعاني والفكر والمشاعر والفن وذلك كله بفضل شريك حياتك الوفي لاشيء ينضج إلا بعد مرور وقت ما الزمن هو البعد الأساسي للانضاج والنضوج ذلك قانون واحد وثابت ومستقر منذ أن بدأ الكون والنضوج هو اكتمال الخصائص وكمال اتحاد العناصر وتفاعلها واتخاذ الكل النهائي والذي يكون الأبهى والأجمل وهو قمة الازدهار وتمام القوة وفاعلية الأداء على الوجه الأكمل وحين يكتمل النضج يكمل الزمن دوره إذ يبدأ الانحدار حتى تمام الفناء هذا مسار تخضع له أشياء كثيرة في الحياة إلا علاقة الحب والزواج فإنها تبدأ في لحظة ما لحظة زمن ثم تكبر وتكبر تنضج وتنضج تزدهر وتزداد ازدهارا تقوى وتزداد قوة إنها الحركة المستمرة والتطور الدائم ولذلك لا سأم ولا ملل في الحياة الزوجية وذلك عكس ما يعتقد بعض الناس، يتصور البعض أن الحياة الزوجية هي حياة روتينية حياة رتيبة مع شخص واحد بعد فترة من الزمان يتكشف لك كل شيء عنه فيفقد قدرته على إثارتك ولا ترى منه شيئا جديدا وهذا خطأ فادح علاقة الزواج في تطور مستمر وتمر بمراحل مختلفة وتفاعلات جديدة تظهر آثارها على حياة الزوجين حتى وإن لم يشعر بذلك بشكل مباشر إنه تفاعل شخصين وتفاعلات في صميم العلاقة وتفاعلها مع الأيام والأحداث. الحياة الزوجية هي حياة الحركة والتفاعل والجديد إنها حياة الإبداع إن الإنسان كنز لا ينضب هذه هي الطبيعة الحية للانسان والذي يعيش وحيدا يعاني الركود والتوقف والسأم والملل حياة الابداع الحقيقية لاتكون إلا مع انسان تعيش معه كل وقتك وكل أيامك كيف يحدث هذا التطور مع أنه نفس الشخص الذي تعرفه منذ سنوات طويلة والذي انكشف لكل كل شيء عنه الإجابة تكمن في الطبيعة الساحرة للحب هذا هو السر الغامض فالحب نعمة ونور بين الزوجين لا محالة فهو يحمل في طياته ومعناه وجوهره وكنهه وتركيبته حركة إبداعية خلاقة في كل لحظة اكتشاف جديد تعبير عاطفي يهزك من جديد فإذا بك تحن وتشتاق وكأنك تراه لأول مرة فالحنين مستمر والشوق دائم.