يواجه أغلب المتزوجين حديثاً بعض الإشكالات منها مشكلة السكن وغلاء المعيشة وأيضاً اختلاف الطبائع أو العادات التي تختلف من أسرة لأخرى وتتطلب الصبر خاصة من قبل الزوجة التي يقع عليها عبء تسيير مركب عش الزوجية، ومن الملاحظ أن هنالك العديد من المتزوجين حديثاً تغلبت عليهم هذه المشكلات حتى وصلوا إلى مرحلة الطلاق، والشاهد على ذلك امتلاء أضابير المحاكم الشرعية بحالات الطلاق والمشكلات الزوجية لكن بالمقابل هنالك من صبر وثابر وعبر بمركبه لبر الأمان، حول هذه الإشكالات أو العقبات التي تواجه المتزوجين حديثاً استطلعنا عدة آراء فكانت إفاداتهم على النحو التالي: تحقيق: هالة نصر الله خطوات غير مدروسة تقول سميرة علي «ربة منزل»: قد يتخذ المخطوبان خطوات غير مدروسة في سبيل إتمام مراسم الزواج بسبب الإسراع دون حسم الأمور الأساسية مثل السكن وهو من أكبر المشكلات التي تواجه المتزوجين الجدد وقد يلجأ البعض إلى منزل الأسرة الممتدة الذي يعتبره البعض نقطة بداية للمرحلة الجديدة ولكن سرعان ما يصطدما بالواقع، وكانت هذه إحدى المشكلات التي واجهتني في السنة الأولى من الزواج، فبعض المشكلات تتطلب الصبر والثقة للعبور بسفينة الزواج إلى بر الأمان ومن المشكلات التي طفت على السطح في حياتنا الزوجية هي المشكلات المادية، فمشكلة الصرف لاسيما وأننا أتممنا مراسم الزواج كلفتنا الكثير فاضطررنا للسكن مع أهل زوجي لكن بُعد المنزل عن مكان عملنا إضافة إلى عدم وجود استقلال في السكن لم نجد راحتنا، وكانت الخطوة الأكثر صعوبة الانتقال إلى منزل مستقل واضطررنا للسكن بالإيجار وكلها مشكلات تصب في خانة المال، لذلك يتطلب الأمر مزيداً من الصبر والتحمل وكل هذه المشكلات تنجم عن عدم الدراسة والتخطيط السليم.. وصية وترى الخالة آسيا عبد العزيز أن الزمن اختلف بكثير عن الحياة التي عاشتها فى الماضي حيث كانت «الدنيا بخيرها» فمن البدهي أن يعيش الأزواج الجدد مع أسرة الزوج التي تحتضن الزوجة الجديدة بكل احترام وتعتبرها ابنة لها، وقديمًا كانت أم الزوجة توصي ابنتها العروسة بأسرة الزوج وأن تبدي لهم كل الاحترام والتقدير بجانب التعامل اللطيف، وقد عشت مع أسرة زوجي منذ بداية زواجنا حتى فارق والد زوجي ووالدته الحياة واستمررت في منزلهم حتى تزوجت بناتي الأربع، ونقلت إليهنّ تلك الوصية التي حمَّلتني إياها أمي بأن يكنّ سفيرات لأسرتهن عند أسر أزواجهن وأن يتعاملن معهم بكل احترام وتقدير. أسباب الإشكالات وفي إفادات ل«البيت الكبير» أوضح محمد أحمد عبد الحميد «خبير تنمية المجتمعات» أنه لما كانت تجربة الزواج جديدة على الذين لم يسبق لهم الزواج في ظل التداعيات التي يمر بها الوطن العربي عامة من تقلبات في الاقتصاد وتغير في المعايير الاجتماعية نتيجة الخلل الذي يحدث في الأوضاع السياسية عامة يواجه أكثر من «85%» من شباب الوطن العربي المقبلين على الزواج يواجهون إشكاليات عدة تنحصر في إشكالية السكن وإشكالية غلاء المعيشة والضائقة والبطالة العالية، كل هذه الإشكالات مجتمعة أدت إلى ارتفاع معدل العنوسة في الوطن العربي بنسبة غير مسبوقة في تاريخ الإنسان العربي على امتداد الخمسين عاماً الماضية، أغلب هؤلاء الشباب يكونون خريجين وعلى مستوى رفيع من التعليم لكنهم عاجزون عن تحقيق طموحات الحياة الزوجية للأسباب الآنفة الذكر، مما يجعل أغلب الذين تزوجوا يواجهون مشكلات لا حصر لها قد تؤدي إلى ما لايحمد عقباه في انفصال بين أزواج حديثي العهد وهذا ما نلحظه في تقارير المحاكم الشرعية والسبب في ذلك أن الشباب في هذه السن يكون سقف الطموحات لديهم عاليًا وكلا الطرفين يبحث عن رغد العيش مبكراً. مقارنة ويضيف محمد أحمد: ومقارنة بجيل الآباء والأبناء نلحظ أن آباءنا والجيل الماضي عامة أكثر سعداً من حياتنا على الرغم من أن التكنلوجيا وسبل العيش الكريم في الماضي لم تكن متوفرة بالحجم الحالي لكن لأن الأجيال الماضية عاشت على قناعات تامة في ظل ثقافة مجتمعية تنادي بالرضا بالمقسوم وأغلب الأزواج آنذاك من داخل المحيط العائلي وكلا الزوجين حريص على أن يظهر بمظهر طيب أمام الأصهار والأنساب من حيث السلوك، وسقف الطموحات كان على قدر معقول، ولهذا كانت الأسرة ممتدة، ولهذا كانت الزوجة الجديدة من الطبيعي أن يسكنوا في بيت العائلة حتى يكبر الأطفال، وكانت يومها العائلة الممتدة تعيش على مائدة واحدة تقوم بإعدادها أم الزوج أو أم الزوجة، وكانت الرعاية الأبوية على الأزواج الجدد، وكان المجتمع تلقائياً يتكفل بتقديم العون والمساعدة للأزواج الجدد، وتقوم الحبوبات والأمهات بتوجيه الزوجة الجديدة بعدة نصائح بالحياة الزوجية الجديدة ويصرون عليها أن تحافظ على بيت الزوجية وأسرار الزوج وأن ترضى بشظف الحياة معه لاعتقادهم التام بأنها أسعد من غيرها لأنها حظيت بزوج، وهذا يدخل في باب الرضا بالمقسوم، وهو قدر كبير من الإيمان وخلاصة القول يمكن أن يقال إن جيل أمهاتنا وآبائنا لم يشهد معدلاً في التفكك الأسري أو الطلاقات أو معدلاً عاليًا من العنوسة لأنهم آنذاك رضوا بالمقسوم وعاشوا في أجواء تكافلية وتراحم وعش الزوجية يبنى على الرحمة والمودة وليس بالأموال وعلى هذا سارت الأجيال السابقة على الرغم من قلة الإمكانات ولهذا كانوا أسعد منا وأطول عمراً وأنقى قلوباً.