لا حديث للناس في بلادنا بعد أن عادوا إلى مزاولة أعمالهم المعتادة، إلا الحديث عن عطلة العيد الطويلة.. ولم أسمع أحداً ينتقد هذه العطلة الطويلة، كما لم أسمع أحداً ينتقد عطلة عيد الفطر المبارك التي سبقت الأخيرة بنحو شهرين. أيام العطلتين بدخول يومي الجمعة والسبت يقترب عددها من العشرين يوماً، خصماً من جملة أيام السنة التي تبلغ ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً في حال السنة البسيطة، وتزيد يوماً في حال السنة الكبيسة، وإذا اضفنا لتلك الأيام يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، سنجد أن أيام السنة كاملة تعني اثنين وخمسين أسبوعاً مع زيادة ساعات قليلة، فالسنة تضم «177.52» أسبوعاً، وهذا يشير الى أن كل أسبوع يضم يومين عطلة رسمية هما الجمعة والسبت، ليكون مجموع أيا م الجمعة والسبت حوالي مائة وأربعة أيام وثلث تقريباً.. ولكن فلنفترض أن أيام العطلات الرسمية غير عطلات الأعياد الوطنية والكريسماس ورأس السنة، هي عشرة أيام خلال العام، ليصبح بذلك مجمل أيام العطلات مائة واربعة عشر يوماً، وإذا أضفنا لها عدد أيام عطلات العيدين - الفطر والأضحى - نجد أنها تتجاوز المائة والعشرين يوماً من جملة أيام السنة الثلاثمائة وخمسة وستين، أي إن أيام العمل السودانية لا تتجاوز المائتين وأربعين يوماً إلا بخمسة أيام. بذات المنطق سنجد أن متوسط أيام العطلة السنوية لكل موظف أو عامل في القطاع العام، هو شهر كامل وهذا في مجمله يعني ثلاثين يوماً تخصم من جملة أيام العمل، لتصبح مائتين وخمسة عشر يوماً فقط، من جملة أيام السنة، وكذلك الحال بالنسبة لأيام التحصيل في المدارس، والمعاهد والجامعات. لسنا ضد العطلات، ولا ضد المنطق الذي يقول بضرورتها لأنها تعيد توازن الشخص العامل، الذي يبذل طاقة ذهنية أو بدنية عالية، سواء كان يمارس عملاً مهنياً لا يتطلب جهداً عضلياً، أو يمارس عملاً حرفياً، استخدام اليد والعضل فيه ضرورة لازمة.. ولكننا نريد من الدولة أن تراجع أيام العطلات السنوية للعاملين في مؤسساتها المختلفة، حيث لا يصبح هناك معنى لأن تكون أيام العطلة المتراوحة ما بين شهر وشهر ونصف، هي ذات الأيام مع هذه الزيادات التي جاءت دون توقع - ونقترح أن تكون العطلات السنوية للعاملين بالدولة متراوحة ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على الأكثر، مع كامل الاستحقاق المالي المعمول به، ولكن هذا يتطلب تعديلاً في قوانين الخدمة العامة، ولا نحسب أن الأمر صعب، إذا ما تمت الدراسة وكونت لجنة من المختصين تضم ممثلين لمؤسسات الدولة ووزراتها المختصة، الي جانب اتحاد عام نقابات عمال السودان، ووزارة العمل والخبراء.