ü ليس هذا اسمه ولكنه لقبه الذي اكتسبه من خارج نطاق الأهل والعشيرة والأصدقاء!! ü ود رعية لم يأتِ هذا الاسم من بوابة «الداية» التي تشهد دائماً وترى الصرخة الأولى من الحياة ثم تطلق النبأ السعيد للنسوة اللائي يتحلقن حولها بأن يزغردون ويهللن فقد جاء للدنيا ولد يملأ الحياة بهجة وسروراً وتقر به عين والديه.. ويعينها على نوائب الدهر!! عندما جاء للحياة أسماه أبوه أحمد !! وسمعت أيضاً بأن اسمه مبارك.. وربما أطلقت عليه والدته الراحلة السمحة «آمنة الحمراء» هذا الاسم.. فهكذا يفعل الناس في السودان يتفاءلون بالأعياد والمناسبات ويسمون أولادهم باسم مبارك وعيد وعرفة. ü وفي رواية أخرى يقول البعض إن أباه سماه بهذا الاسم تيمناً بمبارك زروق!!.. ذاك الاتحادي والوطني والسياسي الضليع الذي بزغ نجمه آنذاك.. وهذا أيضاً ما يفعله الناس في أسماء الأبناء والأحفاد حيث يسمون مبارك على مبارك زروق.. وأزهري على إسماعيل الأزهري.. و«الميرغني.. الخ». نرجع لود رعية اسم صاحبنا وابن عمتنا أحمد محمد علي الذي غادرنا أمس لدار الخلود بعد حياة قصيرة ولكنها غنية مشبعة بذات الإرث والقيمة «حب الناس والخير».. عندما سألنا أصحابه من المغتربين الذين كانوا معه في السعودية في الثمانينيات والتسعينيات عرفنا أن هذا اللقب اكتسبه بحب الناس له وحبه لهم!! ü عاش أحمد حياة الكفاف.. وعاش حياة الغنى والرفاهية.. وعاش أيام الصحة والعافية.. وأيام المرض والضعف.. وبين هذه وتلك كان أحمد هو أحمد.. البساطة وحب الناس وصفات الفرسان وأولئك الرجال من أجدادنا وأسلافنا الذين نستمد منهم كل هذا الشموخ والعزة!! ü في الأسبوع الماضي هاتفني مهنئاً بالحج وتحدث معي بالتفاصيل الدقيقة عن أحوال الحجاج وسكناهم وعن أحوال الأهل ويسأل عن كل كبيرة وصغيرة.. لم يترك لي فرصة لأسأله عن حالته الصحية. ü وما بين الإعجاب والحزن والأسى لا نقول إلا ما يرضي الله - الذي اعتراني بعد هذه المكالمة أحسست كم هو نوع نادر من البشر الذي يكلمني!! ü وأنا قبل أيام كنت في مكةالمكرمة..في هذه المرة رغم السنوات التي باعدت بينه وبين مكة،فقد افتقدته؛افتقدت داره العامرة بحي (الخنساء)تلك الدارالتي كانت تفوح روائح الطعام والضيوف من حجاج ومعتمرين وزوار،ومرضى.وصدى أيامه وضحكاته (تتجلجل) بين الطرقات والشوارع،والمناطق المحيطة بالحرم حيث كان يعمل..!إنها الدنيا.. ü رحم الله ود رعية بقدر ما قدم في حياته.. والعزاء لكل الذين افتقدوا هذه الشعلة المتوهجة من الإنسانية والتي تأتي للحياة بهدوء وترحل بهدوء.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».