يعتبر اسم الإنسان جزءاً أساسياً من هُويّته، كما يعتبر صفة اجتماعية هامة جداً له، ولغيره... فهو أول طريق ووسيلة يقابل بها الإنسان أسرته ومحيطه الاجتماعي القريب والبعيد، لذلك في الإمكان أن تؤثر مسألة التسمية وسرها على مستقبله، وللأسماء عند الأسر السودانية دلالات كثيرة ومتعددة، منها دلالات قومية، دينية، ريفية، حضرية، نادرة، بلدانية أو مكانية... الخ استيطان قبلي في رقعة جغرافية معروفة لهم بالمنشأ، وذلك مثل «أوهاج، ادومة، أونور، أبكر، محمد صالح، سيد أحمد... الخ» وفي ذات الاتجاه يتسم هذا النوع الأخير فيما يعرف «بنظام الأسرة» في اختيار اسم مولودها. أيضاً من الأنظمة الأسرية في التسميات هو الاعتقاد الاجتماعي بصلاحه، أو حسن السيرة والسريرة إذا ما تمت تسميته بأحد الصالحين.. كالبرعي، الياقوت، الجيلي، الطيب، برير، حسن «ود حسونة»، العبيد «ود ريا».. الخ وعلى الأقل حفظه من العين والحسد.وتسمية المولود في السودان، خاصة إذا كان ذكراً تقع حصرياً للأب، فإن كان غائباً للجد أو العم... وكل من له علاقة بالعصبة، وهذا أمر معلوم في سياقه الاجتماعي للسودانيين.. ومن ضمن المفاهيم في هذا الأمر أن الأسماء إذا كانت تتشابه في بيئتها أو ثقافتها الريفية فإنها على النقيض تتمايز وتتجدد متى كانت بيئتها أو ثقافتها أو مؤثراتها مدنية أو حضرية مثل لؤي، إياس، فرزدق، ابن رشد.. الخ. ولكن أن يكون للاسم دلالات سياسية، أو معانٍ فكرية فهذا هو الجديد في الأمر، ولو نسبياً من ناحية زمانية ومستصحبين معنا كمية الوعي السياسي الذي ساد في المجتمع منذ الاستقلال حتى الآن، محلياً وعالمياً... والاسم «السياسي» كما السياسة نفسها، فكلما كان المسمى عليه صاحب حضور/ إنجاز سياسي قوي فإن الاسم يدوم ويستمر بذات درجة قوة وقبول المسمى عليه، مثل غاندي، ناصر... وبمفهوم المخالفة فإن بريقه يخبو كلما كان المؤثر «سيد الاسم» ضعيفاً، أو شابته بعض النوائب التي تهز من قوته وحضوره الاجتماعي... فأسماء مثل ، القذافي غالباً لن يلجأ إليها أب لتسمية مولوده والتيمن بها «مواطن خليجي طالب بتغيير اسمه من القذافي إلى أي اسم آخر» وهذا أيضاً مؤشر على أنه إذا اتضح لاحقاً، أو ظهر فيما بعد أن صاحب الاسم الأصلي دكتاتوراً، قامعاً متسلطاً على رعاياه فإن درجة ومستوى قبوله الاجتماعي تنخفض كثيراً وبوتيرة أسرع عما كان عليه في المبتدأ.. وبالتالي تقل حجة التيمن والاعتقاد به، وبكاريزميته التي ظهر بها، حتى ينحدر سياسياً واجتماعياً وفكرياً لدى عامة الناس. ولع السودانيون في السابق بأسماء، سموا بها أبناءهم مثل إسماعيل الأزهري، الهندي، والأسماء ذات الأبعاد الثنائية طائفية سياسية كأسماء آل المهدي، آل الميرغني ولكن رغم ذلك بدأ السودانيون بالانفتاح «الخارجي»، فمنذ العقد الثالث تقريباً للقرن الماضي بدأوا بتسمية أسماء مثل «فيصل وعبد الله» وهم أبناء شريف مكة ذلك عندما كان الأول ملكاً على العراق، والثاني ملكاً على إمارة شرق الأردن «في عشرينيات القرن الماضي».. أيضاً أعجبوا بأسماء مثل «طلال» كونه من آل البيت وجد ملك الأردن الحالي، كما لا ننسى ولع بعض السودانيين الذين زاروا مصر خلال فترة الملكية فسموا أولادهم فؤاد وفاروق، ووثقوا هذا الاعجاب في أولادهم. أما فترة ما بعد الحرب الثانية فقد شهدت قيام العديد من حركات التحرر الوطني والتي كان يرأسها قيادات سياسية ملهمة لجماهيرها في أي شيء، بجانب التكتلات السياسية المعروفة مثل حركة عدم الانحياز وقياداتها المعروفة، ولذلك إجلالاً لهذه القيادات قامت العديد من الأسر العربية بتسمية مواليدها بهم مثل «ناصر» خاصة بعد تأميمه قناة السويس وكل وسائل الإنتاج بجانب تمليكه الفلاحين خمسة أفدنة، وقد أخذ الناس باسمه رغم مصادرته للحريات وقمعه وتعذيب أجهزة أمنه لمعارضيه السياسيين خاصة جماعة الإخوان المسلمين.. أيضاً سمى البعض أسماء مثل غاندي، ياسر «عرفات»، أنديرا، سيد قطب. كما لا ننسى ألقاباً كثيرة تلحق ببعض الأسماء مثل مانديلا، تيتو، نهرو، لوممبا، جيفارا... أما أسامة بن لادن فرغم استشهاده إلا أن اسمه وسمعته المشرفة ما زال يحمل ذات القوة والحضور الاجتماعي، ويعتبر بن لادن الاسم الأوفر حظاً في التسمية والتيمن به في كل المجتمعات العربية.