ميزانية العام المقبل تجد الاهتمام الأعظم من كل أفراد الشعب، باعتبارها ميزانية لدولة جديدة.. فقدت مساحات مقدرة من أراضيها ومواردها خاصة البترول، وفقدت ملامح سكانية متعمقة في البعد الافريقي.. وهي أيضاً حفية بالاهتمام في ظل موجات الثورات التي تطوف من حولنا، فكان لزاماً على الموازنة القادمة أن تسعى لتحقيق استقرار اقتصادي، في منهاج وسياسة دائرة المال، مع التوازن في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان من سلع وخدمات، دون أن يزيد ذلك من معدلات الفقر والطبقية البغيضة، وقبل كل ذلك دون أن تثقل كاهل المواطن السوداني بما لا يحتمله من رسوم وجبايات، خاصة وأن العطالة والبطالة تتفشى وسط شريحة الشباب بصورة كبيرة، فتخلق شريحة محبطة في زمن يفترض فيه أن تقدم ذات الشريحة طاقاتها الكامنة.. فهل ستكتفي الموازنة بتوفير ما وعدت به «25 ألف وظيفة»، والتي خلت معظمها بعد الانفصال؟!.. أما تعول على دعم وتشجيع التمويل الأصغر- الذي كما قال قادة البلد- لا يذهب للمستهدفين به، أم ستعمد الموازنة لدعم الأسر الصغيرة بشكل مباشر.. القراءة وإعادة التأمل في موازنة العام 2011م توحي بأنها وعاء فضفاض، لا يحدد البند بتفاصيل دقيقة، وتعود بمحتواها إلى ما حذر منه السيد النائب الأول، عندما حذر من سياسة «رزق اليوم باليوم»، وكل الأمر يدور حول ما يتحصل عليه المواطن في سعيه اليومي لتوفير وتسيير متطلبات الحياة الجوهرية دون الكماليات، التي ينعم بها البعض في ظل سياسة التحرير، التي لا نقول إن كلها شر أو كلها خير، وفي هذا المنحنى ندعو لوقفة تأمل في بعض جوانبها، خاصة فيما يتعلق بحفظ توازن السوق، والرواتب التي يتقاضاها جميع العاملين بالقطاعات العامة والخاصة.. وعلى مستوى المواطنين البسطاء، تكون هذه الميزانية دون جدوى أن حفظت لهم على أدنى الافتراضات توفير المأكل والمشرب والخدمات الأساسية، ولكن ذلك لا يكون مطروقاً طالما حملت هذه الموازنة فكرة رفع أسعار أي من المحروقات، لأن ذلك يعني آلياً ارتفاع جميع السلع، شاءت الحكومة أم أبت،، والشاهد على ذلك ارتفاع الأسعار في الولايات بصورة واضحة.. حتى المحروقات في الولايات وفي المنافذ التي يفترض أنها تنضبط بالسعر المحدد هي أعلى من ذلك السعر، حيث باتت تلوح في الأفق مطالب للعاملين بالولايات لرفع مرتباتها وفصلها من مبدأ قومية الأجور.. الأمر الذي يجب أن تنتبه له الدولة لتجد البدائل المطلوبة، حتى لا تدخل البلاد في انفراط اقتصادي يجعلها أقرب للدويلات المنفصلة داخل إطار ما تبقى من السودان القديم. آخر الكلام.. هذه الميزانية استثنائية للسودان.. إنساناً.. شعباً.. حكومة، ووضعاً في الإطار الاقليمي والعالمي.. وأكثر ما يماثل الحال ما قالته صديقتي، إذا رفعت الحكومة دعمها عن أي محروق، فإنها بذلك تجعل بقية الميزانية لشراء البمبان، وربما لا يكفيها ذلك.. الرحمة أيها القابضون على المفاصل الاقتصادية.. دمتم.. مع محبتي للجميع..