كشفت مصادر خاصة ل(السوداني) عن تفاصيل المباحثات الأمنية التي جرت يوم الإثنين في مدينة زيورخ السويسرية، بين الوفد السوداني رفيع المستوى بقيادة رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق أوسطية والأفريقية، مسعد بولس. ضم الوفد السوداني مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، ووزير الدولة بوزارة الخارجية السفير عمر صديق، ومدير مكتب رئيس مجلس السيادة اللواء ركن عادل سبدرات. ، قدم البرهان ملفاً أمنياً شاملاً يوثق تورط دول إقليمية ودولية في دعم ميليشيا الدعم السريع بالسلاح والتمويل والتدريب، إلى جانب فتح مطاراتها لنقل الأسلحة والمساعدات إلى الميليشيا. وتضمن الملف أدلة دامغة على تجنيد عشرات الآلاف من المرتزقة من دول أفريقية وعالمية، شاركوا في صفوف الميليشيا، وارتكبوا جرائم حرب ضد المدنيين العُزّل في السودان. كما تضمن الملف قائمة توثق مسار مئات الرحلات الجوية التي هبطت في مطارات أفريقية، تحمل على متنها "سيارات قتالية حديثة، مدافع، أسلحة، ذخائر، أنظمة دفاع جوي، وإمدادات غذائية وطبية" لصالح الميليشيا. وأبرز البرهان تورط ثماني عواصم إقليمية ودولية في تأجيج الحرب بالسودان، مدفوعة بأطماعها في نهب ثرواته. وأكد رئيس مجلس السيادة خلال اللقاء أن الحرب في السودان هي (عدوان إقليمي) يهدف إلى تقسيم البلاد، مشدداً على أن الدولة السودانية، ممثلة في مجلسي السيادة والوزراء، والقوات المسلحة، والقوات النظامية، وحركات الكفاح المسلح، والمقاومة الشعبية، تقف موحدة لإفشال هذا المخطط، ورافضين لوجود ميليشيا الدعم السريع، مشيراً إلى أنه لا مستقبل لها في السودان، داعياً إلى تفكيكها وتسريح عناصرها ومحاكمة قادتها المجرمين. وقال: "على العالم أن يعلم أن هذه الحرب فُرضت علينا، ولسنا دعاة حرب، والسبيل الوحيد لتحقيق السلام هو أن يضغط المجتمع الدولي على الدول التي تشعل الحرب لتكف عن أذاها بالسودان". وأشار إلى أن الدفاع عن الأرض وصد العدوان حق مشروع تكفله المواثيق الدولية. الوفد الأمريكي، الذي ضم مستشارين أمنيين بارزين من "مجتمع الإستخبارات الأمريكي"، أشاد بالتعاون الأمني التاريخي بين واشنطن والخرطوم، لا سيما في مكافحة الإرهاب الدولي والإقليمي، وملفات الاتجار بالبشر، والهجرة غير النظامية، والتهريب، والمخدرات، والتطرف. وأكد الوفد على الدور المحوري للسودان في استقرار منطقة القرن الأفريقي وشرق إفريقيا، مشدداً على أهمية استعادة التعاون الأمني بين البلدين. لماذا سويسرا؟ اختيار سويسرا، كمكان للمباحثات لم يكن عشوائياً. تُعد سويسرا وجهة تاريخية للحوارات الدبلوماسية وتسوية النزاعات الدولية، حيث استضافت مؤتمرات تاريخية مثل لوزان (1923) ومونترو (1936)، اللذين عالجا قضايا الحدود التركية والملاحة في البحر الأسود، ومؤتمر لوكارنو (1925) الذي خفف التوترات الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى. كما استضافت مؤخراً مؤتمراً للسلام بين روسيا وأوكرانيا، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للحوار والدبلوماسية. الضغوط الدولية على محور العدوان تُظهر هذه المباحثات تصميم السودان على كشف الأطراف المتورطة في تأجيج الحرب، وتعزيز التعاون الدولي من أجل استعادة الأمن والاستقرار في البلاد. لكن من المهم أن تكون إدارة الرئيس الأمريكي ترامب جادة في ابتكار مسار جديد يخلق ضغوطاً دولية – على غرار كبريات الصحف العالمية والوكالات الإخبارية – لإجبار الدول الداعمة للميليشيات على وقف تدخلاتها، ليتمكن السودان من استعادة سلامه واستقراره.